(سَلفِيَّة سنِيَّة لا جامية ولا مَدْخلية )



سَلفِيَّة سنِيَّة لا جامية ولا مَدْخلية
..........................

    زعم الناس بأني مدخلي ذو جدال

وإليه حينما أفتي الورى أعزو مقالي


   لا وعمرو الله إني سلفي لا أبالي


عمدتي ما في كتاب الله ربي المتعالي


   ثم ما صح من الأخبار لا قيل ولا قال


أقتفي الصحب ولا أرضي بأهواء الرجال


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله وصحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله- صلي الله عليه وسلم.
وبعد:

مقدمة
في بيان أهمية الرد علي المخالف وخطورة التخذيل عنه
قال الشيخ بكر أبوزيد- رحمه الله-:
( الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل
بقايا من أهل العلم يدلون من ضل إلي الهدي ويصبرون منهم علي الأذى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه فما أحس أثرهم علي الناس ولكن ما أسوأ أثر المخذلين عليهم.
وبعد
فقد من الله تعالي علي طائفة من عباده بالقيام علي بواجب الحراسة علي حدود الشريعة والذب عن بيضة السنة، يرصدون تحرك أي شبهة، أو ظهور أي بدعة حتى يبطلونها وينقضونها ويزيفونها ليبقي الإسلام صحيح البنية علي ميراث النبوة نقيًا صافيًا.
وما زال هذا الأصل العقدي جاريًا في حياة الأمة يقوم به من شاء الله من علمائها يؤدون به الواجب علي أنفسهم وإخوانهم في الدين، لكن هذا الأصل قد نصيبه موجات من الفتور والتراخي لدي بعض الأمة فيعيشون بين العجز والتفريط وحينئذ تتنفس الأهواء وتشرئب أعناق حملتها فيجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، بل ويجادلون في الحق بعد ما تبين
ولأمر خيرٍ يريده الله بهذه الطائفة الذابة عن دين الله وشرعه تنالهم أنواع من الأذايا والبلايا زيادة في مضاعفة الأجر وخلود الذكر ومن أسوئها نفثات المخذلين المقعدين المثخنين بجراح الكتمان للحق ونصرة السنة ضد أهل البدعة.
إذا قام إخوانه بنصرة السنة يضيف إلي تقصيره من مرض التخذيل،
فقل لي بربك : إذا أظهر المبطلون أهوائهم ونشروا أخطاءهم وبدعهم، وأهل السنة واحد ساكت، وآخر مخذل، قمتي يتبين الحق؟
إلا أن النتيجة الحتمية ظهور الأقوال الباطلة والمناهج المنحرفة والأهواء المضلة.
فكيف يكون السكوت عن الباطل إذًا حقًا؟
والله تعالي يقول : " بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون" الأنبياء 18.
ومن استقرأ الوحيين الشريفين رأى مواقف الأنبياء مع أممهم والمصلحين مع أهليهم مواقف الحجاج والمجادلة والرد علي كل ضلالة ومخالفة في الأصول أو الفروع في العقيدة وفي السلوك وغير ذلك وهكذا ورثتهم من بعدهم علي تطاول القرون ومر الدهور والعصور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي ( وهذا الدين لا ينسخ أبدًا لكن يكون فيه من يدخل من التحريف والتبديل والكذب والكتمان ما يلبس به الحق من الباطل، ولا بد أن يقيم الله فيه من تقوم به الحجة خلفًا عن الرسل فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فيحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون. مجموع الفتاوى 11/ 434
وفي نصوص السنة النبوية ترى وقائع كثيرة يرد بها النبي – صلي الله عليه وسلم – ما ليس حقًا:
فمنها قوله يوم حنين لذلك الرجل الذي قال له ( اعدل ) رادًا عليه مخالفته المنكرة : ( فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى قد أذي بأكثر من ذلك فصبر) رواه البخاري.
  وتعتبر هذه أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية.
وكذلك رد رسول الله – صلي الله عليه وسلم – على عثمان بن مظعون – رضي الله عنه- التبتل. متفق عليه.
ورد علي من حرم بعض المطاعم والمناكح.
وقد تنوعت المواقف النبوية والآثار السافية المشرقة، في محاصرة أهل الأهواء، وأصحاب البدع، وإيقاع أنواع العقوبات بهم، من هجر للمبتدع وإعراضٍ عن بالكلية، والبراءة من بدعته وفجوره، ومن مفردات هذه العقوبات ما ثبت عن السلف – رضي الله عنهم- من عدم مجالسته، والابتعاد عن مجاورته، وترك توفيره وترك مكالمته، وترك السلام عليه وعدم بسط الوجه له وعدم سماع كلامه وقراءته وعدم مشاورته.
وقد حذر منهم – صلي الله عليه وسلم- فقال : ( إياكم وإياهم ) رواه مسلم.
بل بلغ الحال أن النبي- صلي الله عليه وسلم- رد الكلام الباطل ولو نسب إلي غير مكلف  فلما قالوا عن راحلة النبي- صلي الله عليه وسلم- في الحديبية خلأت القصواء قال ردًّا عليهم ما خلأت وما ذلك بخلق.

وفي طبقة الصحابة رضي الله عنهم
حمدوا هذه الروح الجهادية الدفاعية بما اقتضته الشريعة قولاً وفعلاً وتقريرًا في سيرة النبي- صلي الله عليه وسلم- وإنفاذًا لقوله: ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له تنفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) رواه البيهقي وصححه الألباني في المشكاة.
فقاموا بهذا الواجب خير قيام من ردع البدع والأهواء المضلة والدفع في تحورها وإعجازها لإبطالها ووأدها من أول بدعة ظهرت في الإسلام ( بدعة الخوارج ) فكشفوا منهم الأسرار وهتكوا الأستار وفضحوهم علي المنابر، ثم بدا الرفض والنصب ثم القدرية فقام عليهم الصحابة – رضي الله عنهم – باللسان والسنان فقتل من قتل وخصم من خصم فتزلزلت هذه البدع ورقت واندحرت وذلت.
وتذكر موقف الفاروق - رضي الله عنه – مع صبيغ بن عسل.
وموقف علي – رضي الله عنه- مع الخوارج والسبئية.
وموقف ابن عباس وابن عمر – رضي الله عنهما- من القدرية.
وللحافظ ابن القيم – رحمه الله- مبحث استقرائي تاريخي منذ البعثة حتي عصره – القرن الثامن الهجري- يعطي تصورًا دقيقًا نفسيًا عن هذه المحن التي مرت بالمسلمين ومقامات الرد عليها فراجعه في الصواعق المرسلة علي الجهمية والمعطلة صـ 1/ 147- 151.
فالرد علي أهل البدع والأهواء باب شريف من أبواب الجهاد عظيم وكيف لا وأصحابه يقومون في موقع الحراسة وأفضل الجهاد؟
قال شيخ الإسلام (4/ 13):
( فالراد علي أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيي بن يحيي يقول : الذب عن السنة أفضل من الجهاد ) انتهي.
وقال أيضًا: ( 28/231-236) :
( وإذا كان النصح واجب في المصالح الدينية الخاصة والعامة...ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين  حتي قيل لأحمد بن حنبل الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ قال إذا قام وصلي واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.
فبين أن نفع هذا للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وسرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم علي ذلك واجب علي الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء وقد قال النبي- صلي الله عليه وسلم- : أن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم.
....
وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ولكنهم سماعون للمنافقين قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقًا وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلي بدع المنافقين كما قال تعالي ) لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم.....)
فلابد أيضًا من بيان حال هؤلاء بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيمان يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلابد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضي ذكرهم وتعيينهم بل ولو لم يكن قد تلقوا البدعة عن منافق لكن قالوها ظانين أنها هدي وأنها خير وأنها دين ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالهم.
ولهذا وجب بيان حل من يغلط في الحديث والرواة ومن يغلط في الرأي والفتيا، ومن يغلط في الزهد والعبادة، وإن كان المخطئ المجتهد مغفور له خطؤه وهو مأجور علي اجتهاده فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب....
وليس هذا الباب مخالفًا لقوله: ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) فإن الأخ هو المؤمن والأخ المؤمن إن كان صادقًا في إيمانه لم يكره ما قلته من هذا الحق الذي يحبه الله ورسوله وإن كان فيه شهادة عليه وعلي ذويه بل عليه أن يقوم بالقسط ويكون شاهدًا لله ولو علي نفسه أو والديه أو أقربيه، ومتى كره هذا الحق كان ناقصًا في إيمانه، ينقص من أخوته بقدر ما نقص من إيمانه فلم يعتبر كراهته من الجهة التي نقص فيها إيمانه إذ كراهته لما يحبه الله ورسوله توجب تقديم محبة الله ورسوله كما قال تعالي (والله ورسوله أحق أن يرضوه...) ا.هــ.
وعلي ولي الأمر بسط السلطة في معارضة الهوى والبدعة وكف البأس عن المسلمين فإن من المفتونين من لا يكف شره ولو أقمت علي بطلانه فتنته ألف دليل فلا بد من أدب يردعه وزاجر يمنعه وإلحاق عصا السلطان في ظهره .
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالي (12/ 464):
وأما سؤال السائل هل يجب علي ولي الأمر زجرهم وردعهم؟ فنعم  يجب ذلك في هؤلاء وفي كل من أظهر مقالة تخالف الكتاب والسنة فإن ذلك من المنكر الذي أمر الله بالنهي عنه كما قال – تعالي- ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر....) آل عمران 104  وهو من الإثم الذي قال الله فيه: ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت....) المائدة 63 . انتهي.
وهؤلاء هم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس ويصلحون ما فسده الناس وإن تناوشتهم الفرق وناصبوهم العداء وقام عليهم من قام بالتثريب والتخذيل والتعنيف فلا يزالون في جهاد ونزاع ومدافعة وقراع أناء الليل والنهار وبذلك يضاعف الله لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم.
 فاضح من هذا عقلاً وشرعًا أن من حق الله علي عباده رد الطاعنين علي كتابه ورسوله ودينه ومجاهدته بالحجة والبيان  والسيف والسنان والقلب والجنان وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان. ا.هــ. ابن القيم " هدايه الحياري" (ص10).
قلت: وكل بحسبه؛ فالإنكار بالحجة والبيان من مهمة أهل العلم، والإنكار بالسيف والسنان من وظيفة ولي الأمر، والإنكار بالقلب والجنان واجب كل مسلم ومسلمة والله المستعان.


ظاهرة التخذيل
وبينما ويقوم أهل الحراسة علي ثغور الشريعة بإنفاق ساعات العمر وبذل طاقتهم المحدودة في سد هذا الثغر إذ بأقوام من المخذولين يبذلون طاقتهم وجهودهم لتحطيم الرادين علي أهل الأهواء تشغيبًا عليهم وفتًّا في عضدهم وتشويهًا لدعوتهم وتنفيرًا للناس منهم.
والتخذيل لا يسري في أمة إلا وتعمل علي إسقاط نفسها بنفسها وتوجد من تقصيرها وتخيل الناصحين معاول لهدمها.
وهذا كلام نفيس لشيخ الإسلام ناشر علم السلف –رحمه الله- في كلامه علي بعض أهل البدع:
( ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثني عليهم أو عظم كتبهم أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون علي القيام عليهم فإن القيام علي هؤلاء من أعظم الواجبات). ا.هــ. (2/132).
فهؤلاء المخذولون المنزوون عن الواقع الفرارون من المواجهة هم وارثوا التأويل الخاطئ لقوله- تعالي- : "....عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم...." المائدة: 105 . وأنصار الصديق – رضي الله عنه – حملوا عنه فهمه الموفق الصحيح إذ قام خطيبًا فقال: (إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها وإنني سمعت رسول لله يقول إن الناس إذا رأوا المنكر ولم ينكروه يوشك أن يعمه الله بعقاب).
فهذا التخذيل المشوب بالإعراض عن مواجهة الباطل من باب تحريف الكلم عن مواضعه.
وكلما أراد المخذل المخذول تعرضًا للمصلحين فإن هذا من أسباب زيادة الأجر للداعي علي بصيرة الذاب عن حرمات دينه.
والذين يلوون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل والرد علي المخطئ وتخذير الأمة من الزلات والضلالات لم يكفه أن يكون شيطانًا أخرس لأنه لم يقم بنفسه بهذا الواجب بل سار شيطانًا ناطقًا يهاجم أهل السنة وينصر أهل البدعة.

مضار السكوت عن المخالف
في السكوت عن المخالفين وتخذيل المصلحين أمور مضرة بالدين والدنيا منها:
1- نزول أهل السنة درجات بتعطيل هذا الأصل، الذي هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد المبطلين.
2- ارتفاع أهل الأهواء علي أهل السنة فهم لا يفتأون يثيرون الشبهات ويستقطبون الضعفاء ويلبسون علي الناس دينهم.
3- زلزلت الناس في دينهم وعقائدهم الثابتة.
4- إسقاط وإلغاء العقوبات الشرعية لأهل المخالفات الشرعية ومنها البدع.
5- كسر الحاجز النفسي بين السنة والبدعة والمعروف والمنكر، فيستمرئ الناس الباطل وتموت الغيرة علي حرمات الدين، ويستعصي إصلاح الدهماء علي العلماء.
6- تأثيم ذوي القدرة بترك واجب الرد والتفريط في حراسة الدين.
7- تحجج العامة بالسكوت عن نسبة هذه الأخطاء للدين.
8- لو ترك كل مخالف ومخالفته وضال وضلالته ومبتدع وبدعته وفاسق وفسقه لتجرع أهل السنة منهم سمومًا قاتلة وأهواء مضلة، وفسادًا للملة. ا.هــ .الرد المخالف باختصار وتصرف يسير.

حقيقة الجامية ومن هو الجامي؟

لا بد أن يعرف القاضي والداني ما المقصود بــ(الجامية) التي ذكرها صاحب الرسالة:
(الجامية): يقصد بها نسبتنا إلي الشيخ العلامة محمد أمان بن علي الجامي- رحمه الله-.
والشيخ -رحمه الله – ولد سنة 1349هـــ ، تتلمذ علي أئمة أعلام منهم:
العلامة محمد بن إبراهيم، والعلامة عبدالله بن باز، والعلامة محمد الأمين الشنقيطي والعلامة حماد الأنصار والعلامة عبدالرزاق عفيفي والعلامة محمد خليل هراس والعلامة عبدالرزاق حمزة- رحمة الله عليهم جميعًا-.
واستفاد من العلامتين عبدالرحمن بن ناصر السعدي وعبدالله القرعاوي- رحمهم الله-.
تلاميذة:
الشيخ ربيع بن هادي، والشيخ صالح السحيمي، والشيخ بكر أبو زيد، والشيخ علي بن ناصر الفقيهي، وغيرهم.

أقوال العلماء فيه:-
قال سماحة الشيخ ابن باز- رحمه الله- : ( معروف لدي بالعلم والفضل وحسن العقيدة والنشاط في الدعوة إلي الله والتحذير من البدع والخرافات غفر الله له واسكنه فسيح جناته ) ا.هـــ.
العلامة عبدالمحسن العباد- حفظه الله- : ( عرفت الشيخ محمد أبان بن علي الجامي طالبًا في معهد الرياض العلمي ثم مدرس بالجامعة الإسلامية عرفته حسن العقيدة سليم الاتجاه وله عناية في بيان العقيدة علي مذهب السلف والتحذير من البد غفر الله له ورحمه).ا.هـــ.
العلامة صالح الفوزان –رحمه الله- (الشيخ محمد أمان- كما عرفته- من خيرة العلماء وهومن تلك القلة النادرة من العلماء الذين سخروا علمهم وجهدهم في نفع المسلمين وتوجيههم بالدعوة إلي الله علي بصيرة يدعو إلي التوحيد وينشر العقيدة الصحيحة ويوجه شباب الأمة إلي منهج السلف الصالح ويحذرهم من المبادئ الهدامة والدعوات المضللة ومن لم يعرفه شخصيًا فليعرفه من خلال كتبه المفيدة وأشرطته العديدة التي تتضمن فيض ما يحمله من علم غزير ونفع كثير وقد ترك من بعده علمًا ينتفع به متمثلاً في تلاميذه وكتبه، رحمه الله رحمة واسعة وغفر له).ا.هـــ.
وقال معالي مدير الجامعة الإسلامية الشيخ صالح العبود – وفقه الله- ( صار بيني وبينه رحمه الله لقاءات استفدت منها وتم من خلالها التعارف وانعقاد المحبة بيننا في الله تعالي وتوثيق التوافق علي منهج السلف الصالح في العقيدة والرد علي المخالفين رحم الله الشيخ محمد أمان وأسكنه فسيح جناته).ا.هـــــ.
وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن الخميس – نفع الله به – جامعة الإمام بالرياض:
( فإن فضيلة الشيخ محمد أمان الجامي – رحمه الله رحمة واسعة – كان فيما علمت من أشد المدافعين عن عقيدة السلف الصالح – رحمهم الله تعالي- الداعين عليها الذابين عنها في الكتب والمحاضرات والندوات وكان شديد الإنكار علي من خالف عقيدة السلف الصالح) ا.هـــ. **الرد القويم ص 10**.
إلي غير ذلك من هذا الثناء العطر علي هذا العالم الراني المجاهد السلفي.
هذا هو صاحب النسبة ( الجامية ) التي تزعمونها، فهل رأيت أحدًا من أكابر أهل العلم الذين أثنوا عليه، وعايشوه، وعرفوه حتي مات، رحمه الله، نسب إليه فرقة تسمي الجامية؟
أم أنكم أعلم به من ابن باز والفوزان؟
أم هو التنابز بالألقاب؟ أم ماذا؟

حقيقة المدخلية ( المداخلة )
ومن هو المدخلي

المدخلية:
يريد هذا –وأمثاله- الذين (ينذبون) الأبرياء بالألقاب، النسبة إلي الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله- رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقًا المولود 1351هـــ.
أقوال أهل العلم فيه:
الإمام العلامة ابن باز- رحمه الله-:
( بخصوص صاحبي الفضيلة/ محمد أمان الجامي والشيخ ربيع المدخلي كلاهما من أهل السنة ومعروفان لدي بالعلم والفضل والعقيدة الصحيحة فأوصِي بالاستفادة من كتبهما ). ا.هــ. شريط الأسئلة السويدية.
وقال أيضًا: ( الشيخ ربيع من خيرة أهل السنة والجماعة ) ا.هـــ.
قال أبو عبدالله المدني في الثناء البديع:
( وقد كان الشيخ عبدالعزيز بن باز- رحمه الله- من ثقته بالشيخ ربيع يسأله عن بعض الأشخاص وعن مناهجهم وكان يرسل له الخطابات في هذا الموضوع )  وأورد الظفيري نماذج خطية من هذه الرسائل راجع ( دفع بغي الصائل ) ص150.
العلامة المحدث ناصر الدين الألباني – رحمه الله -:
قال رحمه الله : نحن بلا شك نحمد الله – عزوجل- أن سخر لهذه الدعوة الصالحة القائمة علي الكتاب والسنة علي منهج السلف الصالح دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون يقومون بالفرض الكفائي الذي قل من يقوم به في العالم الإسلامي اليوم، فالحط علي هذين الشيخين – أي الشيخ ربيع والشيخ مقبل الواعي – الداعين إلي الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح هو كما لايخفي علي الجميع إنما يصدر من أحد رجلين أما جاهل وإما صاحب هوي، إما جاهل فيعلم وإما صاحب هوى فيستعاذ بالله من شره ونطلب من الله عزوجل إما أن يهيده وإما أن يقصم ظهره).
ثم قال –رحمه الله- ( وباختصار أقول أن حامل راية الجرح والتعديل اليوم والتعديل في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع والذي يردون عليه لا يردون بعلم أبدًا والعلم معه )
ا.هــ. شريط الموازنات بدعة العصر.
العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- ( زيارة أخينا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي إلي هذه المنطقة لا شك أنه سيكون له أثر، ويتبين لكثير من الناس ما كان خافيًا بواسطة التهويل والترويج وإطلاق العنان للسان)
ثم قال أحد المحاضرين في الشريط نفسه: هاهنا سؤال حول كتب الشيخ ربيع: فأجاب رحمه الله: الظاهر إن هذا السؤال لا حاجة إليه وكما سئل أحمد عن اسحاق بن راهويه – رحمهم الله جميعًا- فقال: مثلي يسأل عن اسحاق   بل إسحاق يسأل عني.ا.هـــ.شريط الأسئلة السويدية.
وسئل الشيخ – رحمه الله- : ما هي نصيحتكم لمن يمنع أشرطة الشيخ ربيع بن هادي بدعوي أنها تثير الفتنة؟
الجواب: ( أن هذا غلط، وخطأ عظيم، والشيخ ربيع من علماء السنة ومن أهل الخير وعقيدته سليمة ومنهجه قويم لكن لما كان يتكلم علي بعض الرموز عند بعض الناس من المتأخرين وصموه بهذه العيوب ) شريط كشف اللثام عن مخالفات أحمد سلام عبر الهاتف من هولندا.
العلامة الفوزان – رحمه الله – ( كذلك من العلماء البارزين الذين لهم قدم في الدعوة فضيلة الشيخ عبدالمحسن العباد فضيلة الشيخ ربيع بن هادي كذلك فضلية الشيخ صالح السحيمي كذلك فضيلة الشيخ محمد أمان الجامي، إن هؤلاء لهم جهود في الدعوي والإخلاص والرد علي من يريدون الانحراف بالدعوة عن مسارها الصحيح سواء عن قصد أو غير قصد هؤلاء لهم تجارب ولهم خبرة ولهم سبر للأقوال ومعرفة الصحيح من السقيم فيجب أن تروج أشرطتهم ودروسهم وأن ينتفع بها لأن فيها فائدة كبيرة للمسلمين)
 ا.هـــ. شريط الأسئلة السويدية 5 ربيع آخر 1317هـــ.
وقال – حفظه الله- في تقديمه لرد الشيخ ربيع علي حسن بن فرحان المالكي : ( فوجدت الشيخ ربيع – حفظه الله- وافيًا في موضوعه جيدًا في أسلوبه مفحمًا للخصم فجزاه الله خير الجزاء وأثابه علي ما قام به من نصرة الحق وقمع الباطل وأهله ) ا.هـــ.
فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان – حفظه الله- سئل :(ما رأيك شيخنا فين يطعن في الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ويقول إنه ليس من علماء أهل السنة؟
فأجاب ( هذا قول باطل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي من أئمة أهل السنة والجماعة وهذا الذي يطعن فيه ضال ).
 ا.هـــــ. راجع بغي دفع الجائز ص 160.
قلت:
فهذا ثناء أهل العلم علي العلامة ربيع بن هادي فهل قال واحد منهم أنه صاحب فرقة ( مدخلية ) أو ( مداخلة ) يدعو إلي حزبية؟ أم أنهم كلهم مداخلة؟


حكم النبز بالجامية أو المدخلية

سئل الشيخ عبدالعزيز الراجحي – حفظه الله - :
بعض الناس يتهم من يتمسك بالمنهج السلفي بأنه جامي:
فأجاب: ( الألقاب لا تغير، النبذ بالألقاب لا يصلح المهم نقل الشخص، المشايخ نعرف أن معتقدهم سليم ومن أهل السنة والجماعة الشيخ ربيع والشيخ أحمد النجمي والشيخ زيد لا غبار عليهم )
ا.هــ. تسجيلات منهاج السنة بالرياض.
وسئل الشيخ الفوزان – حفظه الله – في الحرم المكي بتاريخ 13/6/1424هـــ:
هل من نصيحة لشباب يطعنون في بعض أئمة الدعوة السلفية كالشيخ محمد أمان  والشيخ ربيع المدخلي؟
فأجاب بقوله: ( المشايخ إن شاء الله فيهم خير وفيهم بركة للدعوة السلفية وتعليم الناس فلو ما أرضوا بعض الناس فالرسول ما أرضي كل الناس، هناك ساخطون علي الرسول مسألة النفسانيات والأهواء هذه لا اعتبار بها، المشايخ نحسن بهم الظن وما علمنا منهم إلا الخير إن شاء الله، وندعوا لهم بالتوفيق) ا.هـــ.
شبهة وجواب:
قد يقول قائل: لكنكم تنبذون أهل البدع أيضًا فتقولون حزبي وتبليغي وسروري وتكفيري وقطبي وإخواني و......إلخ
فالجواب:
تلقيب طوائف أهل البدع بمن انتسبت إليه مسلك سلفي درج عليه السلف الصالح لما نبتت نابتة أهل البدع والأهواء وأصبح تميز أهل الحق من أتباع الصحابة عنهم أمر ضروريًا لذا كلما ظهرت بدعة جديدة واجتمعت عليها طائفة نسبت هذه الطائفة غلى هذه البدعة وقد تتشعب البدعة إلي بدع والفرقة إلي فرق فتنسب إلي رئيسها ومؤسسها، وعلي سبيل المثال:
الواصلية: نسبة إلي واصل بن عطاء إمام المعتزلة.
الهذيلية: لأبي الهزيل العلاف شيخ المعتزلة.
النظامية: لإبراهيم بن يسار بن هانئ النظام المعتزلي.
الجاحظية: لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المعتزلي. راجع الملل والنحل وغيره.
وكذلك قال الألباني – رحمه الله – عن السرورية : ( خارجية عصرية ) وهم أتباع محمد سرور زين العابدين.
القطبيون: وهم أتباع سيد قطب ومحمد قطب، وهكذا.
وسواء رضي هؤلاء بهذه التسمية أم لم يرضوا فلا عبرة بذلك لأنهم لما فارقوا السنة بما اجتمعوا عليه من المخالفة والمشاقة لم يعتبر رضاهم فالله ورسوله أحق بالرضا، ولتستبين سبيل المجرمين، وليحيي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
وعلي خلاف ذلك بل على النقيض منه قام أهل الأهواء قديمًا وحديثًا بنبز أهل السنة بالألقاب- بغير حق- تنفيرًا للناس من دعوتهم، وإيهامًا للناس بأنهم فارقوا أهل السنة والجماعة، وهذا من الكيد والمكر الكبير، والله من ورائهم محيط.
فسموا أهل الحديث بالحشوية، وتارة بالنواصب، وتارة بالوهابية، وأخيرًا بالجامية والمدخلية.
وما هم إلا أهل السنة والجماعة، والسلفيون، ولو كذب الأفاكون.
هل الشيخان ( الجامي والمدخلي ) أتيا بشئ جديد أو لهما منهج مخالف لمنهج السلف الصالح؟
لقد علم كل منصف مطلع علي منهج الشيخين أن منهجهما هو منهج عين السلف بشهادة أكابر أهل العلم الذين خبروهما وسبروا كتبهما وأثنوا عليهما عن علم ودراية، كما مر ذكر بعضه، وتركنا أكثره اختصارًا.
فمنهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف واحد.
وموقفهم من الحكام الجائرين والحد.
وموقفهم من المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والاضرابات واحد.
وموقفهم من العمايات الانتحارية واحد.
وموقفهم من الفرق المعاصرة من اخوان وتبليغ وقطبية وسرورية واحد.
وموقفهم من سيد قطب ومن كان علي شاكلته واحد.
وما ورد ممن يوهم خاف ذلك فلاختلاف زمن الفتوى، ولا شك أن العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية، فالذي استقر عليه قول هؤلاء جميعًا هو الاتفاق علي هذه المواقف المنهجية جميعًا بلا استثناء.
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يقال: ( الفرقة الباذية ) أو ( العثيمينية ) أو ( الألبانية ) أو ( الفوزانية ) بدلاً من ( الجامية والمدخلية ) والمنهج واحد؟
والجواب السبب في ذلك أمور:
1- تخصص الشيخين وتركيزهما علي الحزبين له دور كبير في ذلك فالذي أفرد الكتب والرسائل في سيد قطب والإخوان والتبليغ والتحذير منهم هو الشيخ ربيع –حفظه الله- وذلك برضى الأئمة واطلاعهم وتزكيتهم وثنائهم.
قال الألباني –رحمهالله- عن كتب ربيع في سيد قطب:
( جزاك الله خيرًا أيها الأخ الربيع فكل ما رددته علي سيد قطب فهو حق وصواب) ا.هــ. تعليقه علي كتاب العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم.
وقال أيضًا: ( فجزاك الله خير الجزاء علي قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام) ا.هـــ.
العلامة العثيمين – رحمه الله- :
( وكتب أخونا الشيخ ربيع المدخلي ملاحظاتٍ علي سيد قطب في التفسير وغيره فمن أحب أن يراجعها فليراجعها )
فتوى بتوقيع الشيخ بتاريخ 24/2/1421هـــ
وقال عن سيد قطب قرأت تفسير سورة الإخلاص وقد قال قولاً عظيمًا فيها مخالفًا لما عليه أهل السنة والجماعة حيث أن تفسيره لم يدل علي أنه يقول بوحدة الوجود )
مجلة الدعوة عدد 1591 سنة 1418هـــ  ووقع عليها بتاريخ 24/2/1421هــــ.

أما العلامة عبدالمحسن العباد البدر – حفظه الله – فقذ حذر من القراءة في كتب سيد قطب قائلاً ( ولذ فإني أنصح بعدم قراءة كتبه وبالاشتغال بقرائة الكتب النافعة الأمونة العاقبة علي قارئها ) وذكر نماذج من طعنه علي الصحابة. فتوع بتوقيع الشيخ بتاريخ 9/6/1421هـــ.
وكذا العلامة الفوزان – حفظه الله- عن قول سيد قطب في تفسير إن الإسلام لا يقر الرق:
(هذا كلام باطل وإلحاد والعياذ بالله واتهام للإسلام ولولا العذر بالجهل... وإلا الكلام هذا خطير لوو قاله الإسلام متعمدًا ارتد عن الإسلام ).
دفع بغي الجائر ص 68
وقال عن الظلال: ( لا يعتمد عليه لما فيه من الصوفيات وما فيه من التعابير التي لا تليق بالقران مثل وصف القران بالموسيقى والإيقاعات وأيضًا لا يعني بتوحيد الألوهية... وهو يؤول الصفات  علي طريق أهل الضلال). ا.هــــ.
فتوي صوتية راجع السابق عن ص 68
العلامة اللحيدان – حفظه الله – عن الظلال لسيد قطب:
( وهو مليء بما يخالف العقيدة .... ولكن له أخطاء في العقيدة وفي حق الصحابة أخطاء كبيرة خطيرة)
ا.هـــ.. شريط درس بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي بتاريخ 23/10/1418هــــ.
وكذا فتاوي العلامة حماد الأنصاري، والعلامة الغديان، والعلامة النجمي، والعلامة صالح آل الشيخ، والعلامة عبدالله الدويش، والعلامة صالح السحيمي ترحم الله أمواتهم وحفظ أحياءهم.
فكلمة هؤلاء واحدة متفقة في هذا الباب، ولم يشنع علي واحد منهم بمثل ما يشنع علي العلامتين الجامي والمدخلي – من الحزبين – فلماذا الكيل بمكيالين !!
وكذا موقفهم جميعًا من فرق الإخوان والتبليغ والقطبية والسرورية.....إلخ
ولولا خشية الإطالة لنقلت فتوى هؤلاء جميعًا وأنها من مشكاة واحد وهي مشكاة السلفية؛ لذا فهي متفقة متعاضدة متطابقة علي التحذير من هذه الفرق الضالة ، فلله درهم ومن سار علي دربهم.
وكذا فتواهم في الموازنات والرد علي المخالف وغير ذلك فعلم يقينًا أن هذه الفرية ( الدخلية والجامية ) أمر دبر بليل حاكه الحزبيون الذين نالتهم سهام الشيخين وأحرقتهم شهبهم السلفية ودحرت أوكارهم الخلفية فلاذوا بهذه الفرية في حين عجزوا عن مثلها من أئمة الزمان ابن باز ابن عثيمين الألباني الفوزان  لأنهم يعلمون أنها لن تروج عند الناس، وتلبعهم الجهلة في هذا التنابز بغير فهم ولا علم ولو أرادوا الحق لبحثوا المسألة بحث علميًا خالصًا بدلاً من ترديد كلام الحزبيين، بلا وعي لحاجة في أنفسهم المريضة.

منهج الشيخ ابن باز – رحمه الله –
في الرد علي المخالف والشدة عليه عند الحاجة
جاء في كتاب صور مضيئة من جهود الإمام عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – في الرد علي المخالف:
1- سئل ابن باز – رحمه الله- عند شرحه لكتاب فضل الإسلام – للإمام المجدد – عمن يثني علي أهل البدع ويمدحهم؛ هل يَأخذ حكمهم؟ فأجاب: ( نعم، مافيه شك، من أثني عليهم ومدحهم هو داعٍ لهم، هذا من دعاتهم نسأل الله العافية). ا.هـــ.
2- وقال أيضًا: ( والعالم الذي لا يمثل علمه بالتقوى والسيرة الحميدة بل هو من الخرافيين ومع عباد القبور ومع الخمارين ومع أشباههم ليس بعالم ولا يستحق التقدير بل يستحق أن يجفوه أهل العلم النافع والطلبة الصالحون حتي يرجع إلي الحق ويستقيم مع أهل الحق ) مجموع فتاوي ابن باز 7/216
3- وقال – رحمه الله- فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل، فإن هذا غلط جسيم ومن أسباب انتشار الشر والبدع واختفاء الخير وقلته وخفاء السنة ) ا.هــــ. مجموع فتاوى ابن باز 2/97
4- وقال – رحمه الله- : ( ومن ذلك أن من أظهر بدعة وفجورًا لا يرتب إما مًا للمسلمين فإنه يستحق التعذير حتى يتوب، فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسنًا ) السابق 4/304
وهذا غيض من فيض من مجمل كماله – رحمه الله – في هذا الأمر، فما بال أقوام كلما امتطي سلفي فرسه ولبس لحربِ أهلِ البدع لأمنه، وأشر في صدور المخالفين سيفه، علت صيحاتهم، واشتد نكيرهم، وقالوا له : اسكت يا مفرق الأمة واحفظ لسانك من الدعاة!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
 ( وبإزاء هؤلاء .... أقوام لا يعرفون أهل السنة والجماعة كما يجب أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس بل يكتمونه ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة ولا يذمون أهل البدع ويعاقبونهم بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين مطلقًا....) ا.هـــ.
صورة مضيئة ص 18 مجموع الفتاوى 12/467
5- وكان الإمام ابن باز- رحمه الله – قد شرع في مشروع عظيم تحدث عنه فقال: ( فإنه لا يخفي كثرة انتشار الكتب التي تحمل العناوين البراقة باسم الإسلام وقد تبين لي في كثير منها الخطر علي عقيدة المسلمين فرأيت أنه من الواجب عليَّ التنبيه وتحذير القراء مما يحمله بعضها من الأفكار الهدامة والعقائد المضللة والدعوة إلي التحلل الخلقي وسوف أوالي إن شاء الله تبعًا نشر أسماء الكتب المذكورة التي يجب منع دخولها إلي المملكة نصحًا لله ولعباده وحماية للمسلمين من شر ما فيها....)
 مجلة البحوث الفقهية العدد الخامس.
6- وكان رحمه الله يرد عبر الصحافة علي بعض المخالفين ومن ذلك رده علي المدعو (عبدالفتاح الحايك) ونشر ونشر ذلك في جريدة الشرق الأوسط في العدد 5895 بتاريخ 17/8/1415 هــــ 18/ 1/ 1995م.
7- وكذلك كان – رحمه الله – يستخدم الإذاعة في التحذير من البدع والمخالفات بأنواعها عبر برنامج ( نور علي الدرب ).
 8- ومن ذلك رده علي (عبدالرحمن عبدالخالق) طالبه في أكثر من موضع أن يعلن وينشر تراجعه في الصحف قال : ( ولا شك أن ما قلته عن علماء السعودية غير صحيح وخطأ منكر فالواجب عليك الرجوع عن ذلك....) ا.هــــ.
9- وربما رد علي أناس بأعيانهم وأسمائهم ونشر ذلك، ومن أمثلة ذلك:
أ- مقالة بعنوان الرد علي ( مصطفي أمين ) قال سماحة الشيخ – رحمه الله – فلما تأملت المقال المشار إليه وجدته قد اشتمل علي أخطاء كثيرة يجب التنبيه عليها لئلا يغتر بها القراء والمقتضي لذلك قول النبي: ( الدين النصيحة ) وقوله صلي الله عليه وسلم : ( من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ....).
ب- مقالة بعنوان الرد علي  ( صالح محمد جمال ) رد من سماحته علي مقال نشرته صحيفة الندوة بتاريخ 24/5/1387هـــ بعنوان الأثار الإسلامية.
ج- مقالة بعنوان ( تعقيب وتوضيح علي مقالة الدكتور محيي الدين الصافي ) عن صفات الله.
د- مقالة بعنوان  ( تنبيهات هامة علي ما قاله الشيخ ( محمد علي الصابوني) في صفات الله).   
هــ- مقالة بعنوان ( إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد علي من أنتكر ذلك) رد رحمه الله علي الشيخ علي الطنطاوي.
و- مقالة بعنوان ( حكم الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد ) رد منه رحمه الله علي الكاتب محمد أمين يحيي ومن ذلك قوله فيها: ( وقد عجبت من جرأة الكاتب علي الدعاية بهذا المقال الصريح إلي البدعة منكرة....).
ز- مقالة بعنوان ( تعقيب علي مقالة الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر بعنوان علاقة الإسلام بالأديان الأخري).
ح- مقالة بعنوان ( بيان بيان كفر وضلال من زعم أنه يجوز لأحد الخروج عن شريعة محمد –صلي الله عليه وسلم- ).
وغير ذلك من الردود العلمية علي أشخاص بأسمائهم وأعيانهم ونشر ذلك في الصحف والمجلات.
وعلاوة علي ما سبق رد علي ( القرضاوي) و( عبدالحليم محمود) شيخ الأزهر وغيرهم،  وما زال عميان البصائر يصرون ويقرون لأتباعهم أن سماحة الشيخ – رحمه الله- إن رد لا يذكر الأسماء!!
        راجع صور مضيئة 24- 34
        لي حيلة فيمن يـــــنم                    وليس في الكذاب حيلة
       من كان يخلق ما يقول                     فحيلــتـي فـيـه قليـلــة
10- وقد يستعمل الشدة إذا احتاج الأمر لذلك، فمثلاً:
أ- مقالة بعنوان ( رد علي المفترين علي العلماء ).
ب- ( رد الافتراء علي شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ودعوته).
ج- قال رحمه الله: ( أما ما يقوم به الأن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة فهذا بلا شك شر عظيم وهم دعاة شر عظيم وفساد كبير والواجب الحذر من نشراتهم والقضاء عليها وإتلافها)
د- صدام حسين: ( هو كافر وإن  ولو قال لا إله إلا الله حتيلو صلي وصام ما دام لم يتبرأ من مبادئ البعثة الإحادية).
هـــ قوله: المدعو عبدالله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله ( فالجواب أو فالواجب) مقاطعتهم وانكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم.
ز- عن سيد قطب : ( مسكين ضايع في التفسير ).
ح- عن زاهر الكوثري وتلميذه عبدالفتاح أبوغدة قال:
( من عبدالله بن باز إلي حضرة الأخ المكرم صاحب الفضيلة العلامة الدكتور بكر أبوزيد.. أما بعد فقد اطلعت علي الرسالة التي كتبت بعنوان (  براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة ) وفضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهر الكوثري .. ما فاه به ذاك الأفاك الأثيم عليه من الله ما يستحق..).
ط- عن الشيخ عبدالرحيم  الطحان: فقد سئل عنه فقال:
( كلام المجانين والرافضة ).
ي- سلمان العودة وسفر الحوالي: وقد سأله أحد القضاه فقال: سماحة الشيخ هل هناك ملاحظات وأخطاء علي سفر وسلمان؟ فأجاب فضيلته: نعم، نعم عندهم نظرة سيئة في الحكام ورأي في الدولة وعندهم تهييج للشباب وإيغار لصدور العامة وهذا من منهج الخوارج وأشرطتهم توحي إلي ذلك. فقال القاضي: هل يصل بهم ذلك إلي حد البدعة؟ قال الشيخ – رحمه الله – لا شك إن هذه بدعة اختصت بها الخوارج والمعتزلة هداهم الله.
انظر المراجع بتفصيل صور مضيئة ص 37- 46 .
ك – وسئل – رحمه الله- : أحسن الله إليك حديث النبي في افتراق الأمم ( قوله ستفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة إلا واحده فهل جماعة التبليغ علي ما عندهم من شركيات وبدع وجماعة الإخوان علي ما عندهم من تحزب وشق العصا علي ولاة الأموروعدم السمع والطاعة هل هاتان الفرقتان تدخل؟ فأجاب رحمه الله تدخل في الثنتين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين…) فقال السائل هاتين الفرقتين تدخل ضمن الثنتين والسبعين؟
فأجاب: نعم ضمن الثنتين والسبعين والمرجئة وغيرهم والخوارج…)
ل- ثناؤه رحمه الله علي بعض الردود والتنبيهات:
1- ثناؤه علي رد العلامة الفوزان – حفظه الله – علي الصابوني وقال: أجاد وأفاد وأحسن جزاه الله خيرًا ونصر به الحق.
2- ثناؤه علي رد العلامة الفوزان – حفظه الله – علي فيصل مراد في شأن الأموات.
3- ثناؤه علي رد العلامة بكر أبوزيد – رحمه الله – علي زاهر الكوثري وعبدالفتاح أبو غدة كما مر.
4- ثناؤه علي رد العلامة عبدالله بن سليمان بن منيع – أثابه الله – علي المالكي  ( حوار مع المالكي في رد منكراته وضلالاته ) وقال: ( يسرني التقديم له ).
5- ثناؤه علي جهد العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله – في كتاب منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف بعد إحالته للشيخ عبدالعزيز الراجحي وقال: (  وقد سرني جوابه والحمد لله ).
6- ثناؤه علي جهود العلامة حمود التويجري – رحمه الله – في الرد علي المخالفين وتقديمه لكثير منها.
7- موافقته علي كتاب ( تحذير الإخوان من انحرافات عبدالرحيم الطحان ) للشيخ محمد بن جميل زينو وكذلك قدم له الفوزان رحمه الله.
8- رده علي من قال بمنهج الموازنات: سئل الشيخ رحمه الله: أناس يوجبون الموازنة أي أنك إذا انتقدت مبتدعًا ببدعته ليحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتي لا تظلمه. فأجاب : لا ما هو بلازم، ما هو بلازم ....فالمقصود بيان الأخطاء والأغلاط التي يجب الحذر منها.
8- رده علي مقالتين من مقالات حسن البنا مؤسس جماعة الأخوان الأولي: نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.
الثانية: إن الخصومة مع اليهود ليست دينية وقال: هذه مقالة باطلة خبيثة.
ص71- 74 مقالة خاطئة ظالمة قبيحة منكرة...).
فهذا الإمام العلامة عبدالعزيز بن باز عليه – رحمة الله – وهذا منهجه في الرد علي المخالف والتحذير من أهل البدع وتعيين المخطئيين بأسمائهم والشدة في الثنة والثناء علي القيام بواجب الرد وجعله من النصيحة الواجبة وهذا فهمه للنصوص الشرعية بهذا الصدد،
وهذا لا يمنع من استعمال اللين أيضًا في موضعه واستعمال ( ما بال أقوام) والتلطف في العبارة والنصيحة الفردية السرية في كل ما يناسبه.
فما بال أقوام ينكرون هذا النهج وكإنه ليس من دين الله بل وينسبون ذلك للعلامتين ربيع ومحمد أمان وكأنهما اخترعاه وابتدعاه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الحق أقول إن أولئك لا يعرفون السلفية أصلاً بل سمعوا عنها من الحزبيين وحسبوا أنهم علي شئ ولو رجعوا لكلام أهل العلم وتلقوا السلفية من مظانها الحقة لأراحوا واستراحوا والله الهادي إلي سواء السبيل.

جهود الشيخ ربيع في هذا الباب

للشيخ ربيع – حفظه الله – في هذا الباب جهاد طويل، وأياد بيضاء، قمع فيها البدعة، ونصر السنة، ومن ذلك نذكر شيئًا من مؤلفاته في هذا الصدد:
-    أضواء إسلامية علي عقيدة سيد قطب وفكره.
-    من عيب علي مسلم إخراج حديثه والإجابة عنه.
-    النقد منهج شرعي.
-    الحد الفاصل بين الحق والباطل.
-    النصيحة هي المسؤولية المشتركة.
-    مكانة أهل الحديث ومآثرهم وآثارهم الحميدة.
-    المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء.
-    كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها.
-    العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم.
-    منهج الأنبياء في الدعوة إلي الله فيه الحكمة والعقل.
-    التعصب الذميم.
-    انقضاض الشهب السلفية علي أوكار عدنان الخلفية.
-    أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية.
-    حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام.
-    التنكيل بما في توضيح المليباري من الأباطيل.
-    الرد المفحم علي من اعتدى علي صحيح مسلم.
-    إزهاق أباطيل عبداللطيف باشميل .
-    منهج الإمام مسلم في ترتيب كتابه الصحيح.
-    تقسيم الحديث بين واقع المحدثين ومغالطات المتعصبين.
-    السرورية خارجية عصرية.
-    من هم الخوارج المارقون.
-    نصيحة ودية إلي أبناء الأمة الإسلامية.
-    التوحيد أولاً.
-    قبول النصح والانقياد للحق من الواجبات العظيمة.
-    سماحة الشريعة الإسلامية وحب الله تعالي أن توتى رخصه.
-    وسطية الإسلام.
وإليك بعض جهاد محمد أمان الجامي – رحمه الله –
مؤلفاته
-    الصفات الإلهية في الكتب والسنة.
-    العقل والنقد عند ابن رشد.
-    شرح القواعد المثلي.
-    شرح الأصول الثلاثة.
-     شرح شروط الصلاة.
-    تصحيح المفاهيم في جوانب العقيدة.
-    نظام الأسرة في الإسلام.
-    توزيع الثروات في الإسلام.
-    الإسلام في أفريقيا عبر التاريخ.
-    المحاضرة الدفاعية عن السنة النبوية.
-    شرح الرسالة التدمية.
-    مشاكل الدعوة والدعاة في العصر الحديث.
-    منزلة السنة في التشريع الإسلامي.
-    العقيدة أولاً.
-    التصوف في صور الجاهلية.
-    منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلي الله.
-    الرد عي حسن الترابي.
-    الرد علي الأشاعرة والمعتزلة.
-    هذه هي عقيدتنا.
-    28 سؤالاً في الدعوة السلفية.
-    ما هكذا تورد يا سعد الإبل.
-    الحج عرفة
وغير ذلك.
فماذا تنقمون من الشيخين؟
أين موقفكم من العلماء واحترامكم لهم ودفاعكم عنهم الذي تندشقون به بالباطل؟
وإذا لم يكن هؤلاء من العلماء بعد أن شهد لهم أكابر أهل العلم في هذا العصر فمن العلماء إذن؟
وما الذي خالفوا فيه أهل العلم؟


الشدة علي المبتدع
منقبة وليست مذمة

لقد كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يمتازون بمعاملتهم لأهل البدع بالشدة والقسوة وكانوا يعدون هذه الشدة علي أهل الأهواء والبدع من المناقب والممادح التي يمدح بها الرجل عند ذكره
وما كان باعثهم علي هذه الشدة إلا الغيرة والحمية علي هذا الدين والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛
كما قيل عن الإمام أحمد : ( إنه لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر فيهم ما يخالف السنة وكلامه ذلك محمول علي النصيحة للدين) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص253 وكذلك كان الصحابة – رضي الله عنهم – قد واجهوا البدع وأهلها بشدة فقمعوها وتبروا من أهلها وذلك واضح لمن تدبر سيرتهم وعرف أخبارهم.
قال ابن القيم – رحمه الله- : ( وقد كان ابن عباس شديد علي القدرية وكذلك الصحابة )
شفاء العليل ص 60.
وهذا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – شج رأس صبيغ بن عسل لما كان يسأل عن المتشابه في القرآن وجعل يضربه بالعراجين حتى سال الدم علي وجهه حتى قال : حسبك يا أمير المؤمنين فقد – والله – ذهب الذي أجد رأسي .شرح السنة لللالكائي 3/635
وقال ابن عمر – رضي الله عنهما- لما بلغه خبر القدرية : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني. رواه مسلم
وكذلك كان سمرة بن جندب – رضي الله عنه- شديدًا علي الخوارج فكانوا يطعنون عليه. الإصابة لابن حجر 3/ 130
والآثار عن الصحابة في معاملتهم لأهل البدع كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض.
وقال الإمام أحمد – رحمه الله- : ( إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه علي الإسلام، فإنه كان شديدَا علي المبتدعة ).
 سير أعلام النبلاء للذهبي
وسئل أحمد عن شريك فقال :( كان عاقلاً صدوق محدثًا وكان شديد علي أهل الريب والبدع).  سير أعلام النبلاء للذهبي
ومن أقواله- أي شريك- :
( لأن يكون في كل قبيلة حمار أحب إلي من أن يكون فيها رجل من أصحاب أبي فلان – وكان مبتدعًا- ). 
الإبانة لابن بطة 2/469
وكان الشافعي – رحمه الله – شديد علي أهل الإلحاد والبدع مجاهرًا ببغضهم وهجرهم.    مناقب الشافعي 1/469
وكان عمر بن هارون – رحمه الله- شديدًا علي المرجئة وكان يذكر مساوئهم وبلاياهم.      تاريخ دمشق 45/365
وكان الدارمي – رحمه الله- لهجًا بالسنة بصيرًا بالمناظرة جذعًا في أعين المبتدعة.        السير 13/322
وقال القاضي عياض –رحمه الله- في ترجمة الإمام أبي يوسف جبلة بن حمود الصدفي في تلاميذ سحنون (ت 299) : ذكر شدته علي أهل البدع ومجانبتهم إياهم وقوته في ذات الله – عزوجل- وكان شديدًا في ذلك لا يداري فيه أحدًا ولم يكن أحدًا أكثر مجاهدًا منه للروافض وشيعتهم فنجاه منهم... وكان ينكر علي من خرج من القيروان إلى سوسة ونحوه من الثغور ويقول:
جهاد هؤلاء أفضل من جهاد الشرك!  
 ترتيب المدارك 4/ 375
وكذلك إمام السنة في عصره أبومحمد ( الحسين) بن علي بن خلف البربهاري ت 239 هـــ - رحمه الله- كان قوالاً بالحق داعية إلي الأثر لا يخاف في الله لومة لائم.
ومن أقواله : ( مثا أصحاب البدع مثل العقارب يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم فإذا تمكنوا لدغوا وكذلك أهل البدع هم مختلفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون .  
   طبقات الحنابلة 2/44
وهذه أيضًا صورة مشرفة لمعاملة أهل السنة لأهلى البدع من خلال ترجمة الإمام أحمد بن عون القرطبي (ت 378):
قال عنه عبدالله أحمد بن مفرج. كان أبو جعفر أحمد بن عون محتسبًا علي أهل البدع غليظًا عليهم مذلاً لهم طالبًا لمساوئهم مسارعًا في مضارهم شديد الوطأة عليهم مشردًا لهم إذا تمكن منهم غير مبق عليهم، وكان كل من كان منهم خافيًا من علي نفسه متوقيًا لا يداهن أحدًا منهم ولا يسالمه.
ولم يزل دؤوبًا علي هذا جاهدًا فيه ابتغاء وجه الله إلي أن لقي الله.
 تاريخ دمشق 5/118
وكذلك الإمام أسد بن الفرات –رحمه الله- فقد كتب إليه أسد السنة أسد بن موسى رحمه الله : اعلم – أي أخي- أن ما حملني علي الكتابة إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك مما أظهرت من السنة، وعيبك لأهل البدعة وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم فقمعهم الله بك، وشد بك ظهر أهل السنة وقواك عليهم بإظهار عيبهم، والطعن عليهم، فأذلهم الله بذلك، وصاروا ببدعتهم مستترين، فأبشر – أي أخي- بثوا ذلك واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء ستة رسول الله... إلخ
البدع لابن وضاح.
وجاء في ترجمته –رحمه الله- ما قاله يحيي بن سلام: حدث أحدًا يومًا بحديث الرؤية وسليمان الفراء المعتزلي وآخر المجلس فأنكر الرؤية فسمعه أسد فقام إليه فجمع بين طوقيه ولحيته  واستقبله بنعله فضربه حتي أدماه وطرده من مجلسه.  
    ترتيب المدارك 3/301
وقال الذهبي -رحمه الله – في ترجمة الإمام أبي عمر أحمد بن محمد المعافري الأندلسي عالم أهل قرطبة 429 هـــ:
وكان فاضل شديد في السنة قال خلف بن بشكوال: كان سيفًا مجردًا علي أهل الأهواء والبدع قامعًا لهم غيور علي الشريعة شديدًا في ذات الله.   
  تذكرة الحفاظ 3/1098
وكذلك شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني 728 هــ :
كان سيفًا مسلولاً علي المخالفين وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين  
  العقود الدرية ص 7
وقال عنه الحافظ بن حجر: ومن أعجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قيامًا علي أهل البدع .. وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة وفتاويه فيهم لا تدخل الحصر.   
    الرد الوافر 248
وقال بدر الدين العيني عنه: السيف الصارم علي المبتدعة.
وقال أيضًا وكان سيفًا صارمًا علي المبتدعة.    السابق.
وقال الإمام المجاهد ابن القيم رحمه الله:
لأجاهدن عداك ما أبقيتنــــي                ولأجعـلـن قـتالهــم ديــدانــي
ولأفضحنهم علي روس الملا                ولأفــرين أديـمـهم بلسـانـــي
ولأكشفن سرائر خفيت علي                ضعـفــاء خـلـقـك منـهم ببيان
ولأرجمنهم بأعلام الهـــــدي                رجم المريد بثاقـب الشـهـبـان
ولأقدعن لهم مراصد كيدهـم                ولأحـضرنـهـم بـكل مـكــــان
ولأجعلن لحومهم ودمـاءهــم                في يوم نصرك أعظم القربان
ولأنصحن الله ثــم رسـولـــه                وكــتــابــه وشــرائـع الإيمان
إن شاء ربي ذا يكون بحوله                أو لـم يشـأ فـالأمــر للرحمـن


وقال القحطاني –رحمه الله في نونيته:-
يــا أشـعرية هل شعرتـم أنــي        رمـــــد العيون وحـكـة الأجفان
أنا في كبود الأشعرية قرحـــة        أربـو فـأقـتـل كـل مـن يشـنانـي
ولقد برزت إلي كبر شيوخكـم        فصرفت منهم كـل من نــوانــي
.....
عمري لـقـد فـتـشـتكم فوجدتكم        حـمــرا بلا عـنـن ولا أرســــان
أشـعـرتـم يــا أشـعريـة أنــنـي            طآوفــان بـحـر أيـمـا طــوفــان
أنا همكم أنا غمكم أنا سقـــمكم        أنـا سمعكم في السـر والإعــلان
لأقطعـن بمعولــي أعـراضكـم        ما دام يصحب منهـجتي جثماني
ولأحـضن بـحجـتـي شـبهاتكم         حتى يغـطي جهـلـكـم عـرفـانـي

فهذه بعض النقول عن أئمة السلف وغيرها الكثير والكثير جدًا التي تبرز هذه الخصلة السلفية في التعامل مع أهل البدع بالشدة، وأن ذلك منقبة ومحمدة عظيمة.
فهل بعد ذلك يجوز لشخص أن يذم أحد من أهل السنة بهذه الخصلة السلفية؟ فإذا كان فاعلاً فلا يدري المسكين أنه يذم السلف الصالح وعلي رأسهم الصحابة رضي الله عنهم.
ونحن لا ننكر مراعاة تغير الزمان، وضعف أهل الحق، وقوة الباطل وأهله، ورعاية المصالح والمفاسد في الواقعة المعينة والموقف الخاص، كما هو معلوم لمن خالطنا وعرف ما نتوخاه من ذلك بقدر الإمكان. والله المستعان.
وينبغي أن يعلم أن الشدة علي المخالفين التي امتاز بها هؤلاء الأئمة لا تعني أنهم كانوا علي أخلاق سيئة أو دنيئة بل كانوا يتحلون بالأخلاق الكريمة والخصال الحميدة من الصبر والحلم والإناة والصدق والورع وغير ذلك ولكنهم رأوا أن هذا المقام يحتاج لمثل هذه الشدة، لقمع هؤلاء المبتدعة لا سيما الدعاة منهم وصرف بدعهم وشرهم عن الناس وما ذاك إلا لعلمهم بخطر تلك البدعة.
قال ابن القيم –رحمه الله- : ( ومن أنواع مكايده ومكره- أي الشيطان- أن يدعو العبد بحسن خلقه وطلاقته وبشره إلي أنواع من الآثام والفجور فيلقاه من لا يخلصه من شره إلا تهمه والتعبيس في وجهه والإعراض عنه فيحسن له العدو –الشيطان- أن يلقاه ببشره وطلاقة وجهه وحسن كلامه فيتعلق به ومن هاهنا أوصي أطباء القلوب بالإعراض عن أهل البدع وألا يسلم عليهم ولا يريهم طلاقة وجهه ولا يلقاهم إلا بالعبوس والإعراض ) ا.هــ..    
  إعاثة اللهفان  1/140

بيان خطأ المخطئ ليس من الغيبة

الأصل في أعراض المسلمين أنها مصونة:
قال الله – تعالي - : " ولا يغتب بعضكم بعضًا..." الحجرات : 12.
وقال -عليه الصلاة والسلام- : ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ). رواه مسلم.
وقال ابن دقيق العيد – رحمه الله - : ( أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف علي شفيرتها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام ) تدريب الراوي
وإنما النجاة من هذا الوعيد الذي ذكره ابن دقيق بأن يكون النقد بعلم فلا يتبع قيل وقال لأن الله –تعالي- يقول: " ولا تقف ما ليس لك به علم...." الإسراء: 36.
وينبغي أن يكون عادلاً في حكمه قال – تعالي – " إلا من شهد بالحق وبه يعلمون " الزخرف 86.
لذلك استثني العلماء من الغيبة المحرمة بعض أنواع الغيبة الجائزة ومنها ما هو واجب، ومن هذا بييان خطأ المخطأ علي الشريعة لأن سلامة الدين أولي من سلامة عرض الفرد.
جاء رجل إلي الإمام أحمد، وأحمد يقول: فلان رجل ضعيف، فلان ثقة، فقال الرجل يا شيخ  لا تغتاب العلماء فالتفت إليه أحمد وقال له: ويحك هذه نصيحة ليس هذه غيبة. 
 تاريخ بغداد (12/316).
وعن سفيان بن عيينة: كان شعبة يقول: تعالوا حتي نغتاب في الله – عز وجل - .
 الكفاية (1/45).
وروي أن بعض الصوفية قال لابن المبارك: تغتاب؟! قال اسكت! إذا لم نبين كيف نعرف الحق من الباطل.  السابق.
فقد أجازوا تجريح من جرحوا صونًا للشريعة وحفظًا لها وذلك لأن صون عرض المسلم ليس بأولي من صون الشريعة مما ألحق بها وليس في الحقيقة منها.
وقال الشافعي – رحمه الله - : (وكذلك إن قال: إنه لايبصر الفتيا ولا يعرفها فليس هذا بعداوة ولا غيبة إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ باتباعه ) الأم (6/206).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ( وإذا كان مبتدعًا يدعوا إلي عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك طريقًا يخالف الكتاب والسنة ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك بين أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله وهذا كله يجب أن يكون علي وجه النصح وابتغاء وجه الله  تعالي – لا لهو الشخص... ( وإنما الأعمال بالنيان ).
بل والفرح بفضيحة أهل البدع منقبة سلفية وذلك لكمال محبة الشريعة في قلوبهم وغير تم علي السنة أن ينسب إليها ما ليس منها.
قال الشافعي – رحمه الله – ( ما ناظرت أحدًا أحببت أن يخطئ إلا صاحب بدعة فإني أحببت أن ينكشف أمره للناس ). تبيين كذب المفتري ( ص340 ).
وروي الخلال في السنة بسند صحيح عن أبي بكر المروزي قال: قيل لأبي عبدالله – يعني أحمد بن حنبل- : الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد – يعني المبتدعة المعروفة – عليه في ذلم إثم؟!
وقال لأحمد: لا غيبة لأصحاب البدع.
 طبقات الحنابلة (2/274).
قال النووي – رحمه الله تعالي – ( باب ما يباح من الغيبة اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أبواب:
الأول: التظلم.
الثاني: الاستعانة علي تغيير المنكر.
الثالث: الاستفتاء.
الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم.
الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقة أو بدعته.
السادس: التعريف، فإذا كان الإنسان معروفًا بلقب، كالأعمش، والأعرج، ونحوه ).
ثم قال وهذه سة أبواب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه، ودلائلها من الأحاديث الصحيحة مشهورة ) ا.هـــ.
وقد نظمها بعضهم فقال:
الـقدح ليـس بغيبةٍ في ستــةٍ            متـظلمٍ ومعـروفٍ ومـحــذر
ومجاهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومن            طلب الإعانة في إزالة منكر

التصريح بالأسماء
قال الكاتب ص4:
[ (وربما قائل يقول: لماذا لم تصرح بالأسماء مثلما يفعلون) ا.هـــ.
نقول لهم بعد ظهور فساد معتقدهم وضلال منهجهم ولم نجد دليلاً واحدًا مسوِّغًا لذكر الأسماء بالتصريح...إلخ].
والجواب عنه من وجوه:
أولاً: كونك لم تصرح بالأسماء في صلب الرسالة لا يغني من الواقع شيئًا فأنت تصرح في مجالسك ولذويك وكل ( أهل المكان ) يعلم أنك تقصد فلان وفلان فلا معني لكلامك هذا.
ثانيًا: قولك [ مثلما يفعلون] حق لا مانع له.
فإن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – صرح بأسماء أقوام وترك التسمية لأقوام وكل ذلك حسب المصلحة والمفسدة وهو يختلف باختلاف الخطأ والمخطئ والزمان والمكان.
أما تصريحه صلي الله عليه وسلم عند الحاجة
قول النبي – صلي الله عليه وسلم – لفاطمة بنت قيس لما استشارته فيمن خطبها: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه).
قوله لأبي ذر – رضي الله عنه – إنك امرؤ فيك جاهلية).
قوله لبعض المنافقين: ( ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من أمر ديننا شيئًا).
قوله لذي الخويصرة: ( يخرج من ضئضئ هذا...).
فهذا تعيين.
هذه النصوص وغيرها تدل دلالة واضحة علي جواز تعيين المخطئ سواءً كان مبتدعًا أم غيره وذلك في مقام النصيحة والبيان بل إن إغلاق باب التعيين أصلاً ومنعه رأسًا هو إغلاق لباب التحذير من أهل البدع والأخطاء والزلات من أساسه.
وهذا فهم السلف والعلماء وليس فهمنا نحن:
ومنه ما ذكر الكاتب في نفس رسالته ص5 : قال عبادة: ( كذب أبو محمد)!
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( فلابد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضي ذلك ذكرهم وتعيينهم).
  مجموع الفتاوي (28/233).
عن عبدالرحمن بن مهدي قال: ( دخلت عند مالك وعنده رجل يسأل عن القرآن فقال: لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرو فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام).
  مناقب مالك (ص27).
قال ابن الجوزي: ( وقد كان أبوعبدالله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة وكلامه محمول علي النصيحة للدين).
 مناقب أحمد ( ص25).
ولما سُئِل أحمد – رحمه الله- عمن يتولي القضاء ألحق كل واحد بما يستحق باسمه:
سُئِل هم ( شيب بن سهل ) فقال أحمد جهمي معروف بذلك.
وسُئِل عن ( أحمد بن رباح ) فقال: إنه جهمي معروف بذلك.
وإنه إن قلد القضاء من أمور المسلمين كان فيه ضرر علي المسلمين لما هو عليه من مذهبه وبدعته.
وسُئِل عن ابن الثلجيفقال: مبتدع صاحب هوي.
وسُئِل عن إبراهيم بن عتاب فقال: لا أعرفه إلا أنه كان من أصحاب بشر المريسي فينبغي أن يحذر ولا يقلد شيئًا من أمور المسلمين.
 مناقب أحمد   (ص 251-252).
قلت: ومعلوم أن هذا ليس في باب الرواية والحديث أصلاً إنما هو لتوليه منصب القضاء ويقاس عليه كل ما فيه ضرر علي المسلمين في دينهم أو دنياهم!
قال عاصم الأحوال: ( جلست إلي قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه فقلت: لا أري العلماء يقع بعضهم في بعض. فقال: يا أحول أوَلا تدري أن الرجل إذا ابتدع فينبغي أن يذكر حتي يحذر؟)
  الميزان للذهبي (3/ 273).
قلت فهل هؤلاء جميعًا مداخلة؟!!
ولدينا مزيد:
قال الإمام ابن بطة – رحمه الله- بعد أن ذكر مقالات أهل البدع وطوائفهم: ( هم شعوب وقبائل وصنوف وطوائف أنا أذكر طرفًا من أسمائهم وشيئًا من صفاتهم لأن لهم كتب قد ظهرت، لا يعرفها الغر من الناس ولا النشؤ من الأحداث، فهل تخفي معانيها علي أكثر من يقرؤها..) ثم ذكر رؤوس أهل البدع.
 الإبانة الصغري ( ص 348).
وتحذير السلف من أهل البدع بأعيانهم كثير جدًا وما حملهم عي ذلك إلا النصيحة لله ولرسوله ولأـئمة المسلمين وعامتهم.
راجع إجماع العلماء علي الهجر والتحذير من أهل الأهواء ( ص 22 ) وما بعدها.
قلت:
وأنت بنفسك تعين هؤلاء الذين ترميهم بما هم منه براء، إما بأسمائهم، وإما بقرينة الحال وإما بما تنبذهم به أي (مداخلة) وكل هذا تعيين بوجه أو بآخر.
أحرام علي بلابلة الدوح                حلال للطير من كل جنس
ثالثًا: نحن لا ننكر جواز بل استحباب عدم التسمية في بعض المواضع لا سيما إذا كان المنصوح من أهل الاستقامة وما صدر منه إنما هو هفوة وزلة ومنه:
لقول عائشة – رضي الله عنها – كان البي – صلي الله عليه وسلم – إذا بلغه عن الرجل الشئ لم يقل: ما بال فلان، ولكن يقول: ما بال أقوام.
             أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
قوله عليه الصلاة والسلام: - ( ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتي قتلوا الذرية).  
      أخرجه النسائي وصححه الألباني.
قوله عليه الصلاة والسلام:-* ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلي السماء...)             أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني
ولا شك أن هذا يختلف باختلاف الوقائع والأشخاص والسامعين إلي غير ذلك من المرجحات التي تارة ترجح ذكر الاسم وتارة ترجح عدم ذكره.
لذا قال في *عون المعبود* (8/189) في شرح الحديث الأول: ( لم يصرح باسمه احترازًا عن المواجهة بالمكروه مع حصول المقصود بدونه ).
يدل بمفهومه علي أن المقصود إذا لم يحصل، ودلت لذلك المصلحة تعين ذكر الاسم ولابد، وهذا لكمال النصيحة والبيان.
رابعًا: أننا لم نصرح باسمك ابتداءًا بل لما تفاقم شرك، وانتشر ضررك، وأنت تنسب إلينا وتمكر بنا، فكان لزامًا علينا بيان حالك، وتقليم أظفارك، ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة، والله الموعد.

أصول المداخلة والخوارج

حقًا لقد خبأ لنا الدهر منك عجبًا؛ اخترعت فرقة من عند نفسك أو تقليدًا للحزبيين لتنفر عمن لا يدين لله إلا بالمنهج السلفي الخالص، ثم رحت تضع الأصول وتعقد المقارنات بينها وبين الخوارج!
ثم لم تأت بنقل ٍ واحدٍ عن رجل منهم، فهل هذا هو المنهج العلمي في النقد؟
وهل هذا هو الإنصاف والعدل؟
أين هذه الأصول التي أصّلوها؟ ومن أصّلها أصلاً؟ وأين هذه القواعد التي قعّدوها؟ ومَن قعّدها أصلاً؟ وأين الولاء والبراء عليها؟ أين هذا؟! إن هذا إلا اختلاق.
فكيف تقول بعد ذلك: [ والعجب أن كل هذه الصفات التي ذكرت عنهم وكلها بدليل ] ص2، فأين الدليل؟!
ولنمش مع الكاتب في افتراءاته، ولننظر في هذه الأصول التي لفقها لنا ونحن نبرأ إلي الله منها!!

الأصل الأول
(الإفراط والتفريط) ص4

من أين استقيت – بارك الله فيك – هذا الأصل؟
واسأل عجائز ( نجع شرف ) هل تعلمون عن (فلان وفلان) الإفراط والتفريط وأترك الجواب عندك؟
أم تقصد الشيخ ربيع نفسه؟
فإذا كنت لا تقصده فلِمَ نسبت الفرقة إليه (المداخلة) وإن كنت لا تقصده فأين الإفراط والتفريط في كتبه؟! وهي التي أثني عليها أكابر أهل العلم ونالت إعجابهم ورضاهم وموافقتهم:
قال الألباني – رحمه الله - : ( إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطأ، وخروجًا علي المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه.. أما الناحية العلمية فهي فيه – والحمد لله -  قوية جدًا).
سلسلة الهدي والنور ( 1/ 851 ).
وقد دافع ابن عثيمين – رحمه الله – نفسه عن الشيخ ربيع حيث قال: ( زيارة أخينا الشيخ ربيع بن هادي إلي هذه المنطقة... ويتبين لكثير من الناس ما كان خافيًا بواسطة التهويل والترويج وإطلاق العنان للسان وما أكثر الذين يندمون علي ما قالوا في العلماء إذا تبين لهم أنهم علي صواب).
  دفع بغي الجائر (ص154).
فهل تقبل شهادة الشيخ الألباني في الشيخ ربيع؟
وهل تقبل نصيحة الشيخ ابن عثيميين لمن يطعنون علي الشيخ ربيع؟
لعلم تفعل؟!
ولعلك لم تطلع علي رسالة الشيخ ربيع – حفظه الله – (الوسطية) لتعلم أن الرجل أبعد ما يكون عن الإفراط والتفريط.
قولك: [ ونشهد الله – تعالي – أننا لا نوالي صاحب بدعة ولا ندلهم عليها ولكن ننكر عليهم....] ص4. هذا الكلام فيه نظر:
- فإن جلوسك مع المبتدعة أمر معلوم، يشهده المقربون، وغيرهم.
- دعواك أنك تنكر عليهم تحتاج لبينة، ثم لا ينبغي أن يطلق العنان في هذا الأمر، فالرجل إن علمت عناده واستمراءه للبدعة ونصحته عشرات المرات بغير جدوى لم يعد للجلوس معه مصلحة شرعية بل مفسدة محضة.
-أنك جعلت هذا منهج عامًا لمن يتبعك وهو عدم الإنكار لمن يجالس المبتدعة فصار شعارك ( وجوب اللين مع أهل البدع )!!
وهذا مخالف لإجماع السلف؟
- أنك لم تراعي المفسدة التي ترتبت علي جلوسك معهم وهي اغترار الناس بهم، فإن كنت سالم علي نفسك من ناحيتهم فغيرك لا يسلم فكيف تفتح له الباب؟
- وهلا فررت من المجزوم فرارك من الأسد؟
ولا يخفاك أن جزام البدعة أخطر من جزام البدن بلا شك.
- خفي عليك أن إهانة أهل البدع مطلب شرعي فيه عز السنة وقهر البدعة.
فعن إبراهيم بن مسيرة – رحمه الله – قال: ( من وقر صاحب بدعة فقد أعانة علي هدم الإسلام ) . شرح أصول أعتقاد أهل السنة والجماعة اللالكائي.
وع الفضيل بن عياض : ( من تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل الله علي محمد ). شرح السنة – للإمام البربهاري.
عن أبي قلابة- رحمه الله- أنه رأى رجل من أهل السنة مع رجل من أهل البدع فقال له : ( مالك ولهذا الهزء ).
 ابن بطة- الإبانة الكبرى.
وكان طاووس – رحمه الله – يطوف بالبيت فلقيه معبد الجهني فقال له طاووس : ( أنت معبد؟ ) قال: نعم، فالتفت إلي أصحابه وقال: ( هذا معبد فأهينوه).
 شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة – اللالكائي.
قال سفيان بن عيينه – رحمه الله- لبشر المريسي: ( يادويبة يا دويبة ).     السنة لعبدالله بن أحمد.
وراجع:( موقف أهل السنة من أهل الأهواء ) للرحيل – حفظه الله – ( 2/572).
- لا مانع من أهل البدع لكن بضوابط شرعيه ودعوتهم قد تكون بالكتابة أو المراسلة أو المناصحة المباشرة أو المناظرة وغير ذلك أخذًا في الإعتبار دقة هذه المسلك وما قد يترتب عليه من مصالح أو مفاسد ومن ذلك:
التضلع بالعلم النافع الذي يحصن الداعية من هذه البدعة فإذا أردت دعوة تبليغي مثلاً فيلزمك ابتداءًا دراسة هذه الفرقة دراسة متأنية من خلال ما كتبه أهل العلم: كالشيخ حمود التويجري في كتابه ( القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ).
وكذلك ( المورد العزب الزلال فيما انتقد علي بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال ) للعلامة النجمي.
وكتاب ( جماعة التبليغ عقائدها وأفكار مشايخها ) لميان محمد أسلم الباكستاني.
 ( حقيقة الدعوة إلي الله ) لسعد الحصين.
( الخطاب البليغ في جماعة التبليغ ) للشيخ يحيي الحجوري.
( السراج المنير في تنبيه جماعة التبليغ علي أخطائهم ) للعلامة تقي الدين الهلالي – رحمه الله- .
( وقفات مع جماعة التبليغ ) لنظار الجربوع.
وغيرها من الكتب التي فصلت القول في هذه الجماعة وعرضتها علي الكتاب والسنة وبينت ما فيها، فهل اطلعت علي ذلك حتي تكون علي بصيرة من أمرك؟! وهل طالعت فتاوي أهل العلم الأخيرة في هذه الفرقة؟ الحذر من مكر من تجالسة، فإنك تجالس ( أفعي ) لا قبل لك بدهائه وكره! فقد ينكر كل أخطاء الجماعة ويجحدها، وقد يجاريك برهة من الزمن ليداوي بجلوسك معه غربته، وقد يتخذك شبكة يصيد بها طلابك فيقول شيخكم يجلس معي؛ فلماذا لا تجالسوني أنتم كذلك ويصطادهم بلا مشقة، وقد يشغب بك علي من يهجره من أهل السنة ويطعن بجلوسك معه عليهم متهمًا لهم بالتشديد، وقد يفسد قلبك عليهم بأكاذيبه ودموعه وسبحته وغير ذلك من دهائه وسأل به خبيرًا!
فكل هذه المفاسد تربوا أضعاف مضاعفة علي مصلحة دعوته لا سيما وقد عرفت عناده وأنه لن يرجع عن بدعته حتي يلج الجمل في سم الخياط – إلا أن يشاء ربي شيئا – وقد تقرر عن العلماء : [ أن درأ المفسدة مقدم علي جلب المصلحة ]، فكيف بكل هذه المفاسد؟ وكيف والمصلحة أصلاً موهومة بل مدعومة؟!
قال ابن القيم – رحمه الله تعالي- في بيان أقسام الناس من حيث المخالطة: ( القسم الرابع من مخالطة الهلاك كله، ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء! وما ا كثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله وهم أهب البدع والضلاله...فالحز كل الحزم التماس مرضات الله-تعالي-ورسوله بإغضابهم! وأن لا تشتغل بأعتابهم ولا بستعتابهم ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم فإنه عين كمالك)ا.هـــ.بدائع الفوائد.
وقال الإمام اللالكائى – رحمه الله – : ( فما جنى علي المسلمين من جناية أعظم من مناظرة المبتدعة ولم يكن لهم قهر ولا زل أعظم مما تركهم السلف علي تلك الجملة يموتون من الغيظ كمدًا ودردًا ولا يجدون إلي إظهار بدعتهم سبيلاً حتي جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقًا...).  ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة).
وقال ابن بطة – رحمه الله – بعد أن ساق حديث النبي – صلي الله عليه وسلم - : ( من سمع بالدجال فلينأ عنه فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فما يزال به حتى يتبعه لما يرى من الشبهات ) أخرجه أحمد بإسناد صحيح.   قال بعده : ( هذا قول الرسول – صلي الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق، فالله الله مغشر المسلمين، لا يحملن أحدًا منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه علي المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول : أدخله لأنظاره، أو لأستخرج منه مذهبه، فإنه أشد فتنة من الدجال، وكلامه ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ، ويسبونهم، فجالسوهم علي سبيل الإنكار، والرد عليهم، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر... حتى صبوا إليهم ). الإبانة (2/470).
فاستمسك بغرز السلف تسلم، ولا تميل إلي أهل البدع فتندم.

الأصل الثاني
( بذاءة اللسان )

قال الكاتب : [ إن المداخلة تتبناها لغة وتعاملاً ] ص6.
والجواب:
أعود فأقول من هؤلاء المداخلة؟
إن كنت تقصد الشيخ ربيع – رحمه الله – وأنه فاحش بذئ اللسان، أليس هذا من الطعن في العلماء؟
إن كان فاحشًا حقًا فأين هذا في كتبه ومؤلفاته؟
إن كنت تقصد * محمود محفوظ * فأين هذا الفحش في خطبه ودروسه وهي بفضل الله موجودة منشورة علي الشبكة العنكبوتية فهل سمعت شيئًا منها؟
وإن كنت تعني أحدًا معينًا، فامرؤ حجيج نفسه، فهل تزر وازرة وزر أخري؟
وهل هذا الفحش والبذاءة صارت أصلاً عند هؤلاء يوالون ويعادون عليها؟
وكيف صبرت علي عشرتهم مع فحشهم كل هذه السنين؟
وكم إنسانًا شكا لك من فحشنا وبذاءتنا؟
وأنا أرضي بشهادة العوام فضلاً عن الخواص! بل اسأل الذين تخالطهم هل عرفوا عن ( فلان ) أنه فاحش بذئ؟
أليس هذا من إلصاق التهم بالأبرياء؟
أليس قد قال – عليه الصلاة والسلام - : ( من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتي يخرج مما قال )؟ رواه أبوداود وصححه الألباني.
وإن كنت ترى الشدة علي أهل البدع فحشًا وبذاءة فتلك شكاة ظاهر عنك عارها!
لكي يلزمك أن ترمي السلف جميعًا بذلك وقد كانوا أشداء علي أهل البدع كما مضي ذكر الأثار في ذلك بل قال الصديق – رضي الله عنه – لبعض الكافرين ( امصص بظر اللات )، أتدري ما البظر؟
فهل يقال لأبي بكر – رضي الله عنه – عبر عن المعني القبيح بعبارة صريحة فهو كذا؟
ألم يقل أبو قلابة عن المبتدع ( الهزء الهزء )؟
ألم يقل سفيان لأبي بشر المريسي: ( يا دويبة يا دويبة ) راجع ما سبق.
يا هذا:
إن الشدة علي أهل الريب والفساد سجية سلفية محمودة مرضية، فلا نامت أعين الجبناء!
وإن كنت تقصد أنني في خطابك في بعض المجالس وصفتك بـ (الجهل) مثلاً؛
فهذه من النصيحة للمسلمين؛ لأنك تتكلم فيما لا تحسن، وصدق القائل: ( لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف أو قل ).
قال الشافعي – رحمه الله- : ( وكذلك إن قال: لا يبصر الفتيا ولا يعرفها فليس هذا بعداوة ولا غيبة، إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ في اتباعه... مثل ما وصفت من أن يكون جاهلاً بعيوبه فينصحه ألا يغتر به في دينه... فهذا كله من معاني الشهادات التي لا تعد غيبة ). الأم ( 6/206).
وأما اتهامي لك بالكذب فها أنت ترى أنك تلصق بنا كل باقعةٍ وتتهمنا بما تعلم من نفسك أننا منه براء، وتضه انا أصول الفجار وتنسبها لنا، أفليس لي أسوة إن كنت قلت كما قال عبادة – رضي الله عنه - : كذب أبو محمد!
ثم ألست القائل في رسالتك: [رميناه بالجهل وكذبناه] ص7!!
أحرام علي بلابلة الدوح        حلال للطير من كل جنس؟
كل الأحاديث والأثار التي ذكرتها نحن لا نختلف معك فيها، بل لا يختلف فيها مسلمان  وإنما الشأن أنها كلمة حق أريد بها باطل!
قولك [ ولا بأس بذكر أقوال السلف متبركين بها ].ص7
قلت: التبرك المشروع ثلاثة أنواع:
- بأسماء الله وصفاته.
- بالعمل الصالح.
- بدعاء الرجل الصالح الحي لك.
والتبرك الممنوع قسمان:
- بدعي: كالتبرك بالجاه والذات.
شركي: كالتبرك بعبادة غير الله.
ولا شك أن التبرك بذكر أقوال أهل السلف لا يدخل في التبرك بأسماء الله وصفاته ولا هو من النوع الثاني لأنه لا يتعبد لله بتلاوتها، فالأقرب عندي – والله أعلم – أن هذا من التبرك البدعي فأقلع عن ذلك، وتعلم العقيدة أولاً.
قولك: [ اطلقوا للسانهم العنان فراحوا يكفرون هذا وفسقون ذاك ويبدعون ذلك، وينفرون من أولئك ويسبون ويمقتون ويتجرؤون علي الخلائق ويرمونهم بالجهل والبدعة ]. ص7.
الجواب:
- أنها كحض أكاذيب.
- وإن كان يقصد تكفير من يستحق التكفير، وتفسيق من يستحق التفسيق، وتبديع من يستحق التبديع، فلا غضاضة عليهم في ذلك.
- وكيف يحكم عليهم بذلك وهو ليس متأصلاً أضلاً في هذه الأبواب ولا يدري أحكامها وضوابطها؟ بينما نقوم – تحدثًا بنعمة الله – بتدريسها لكلابنا من خلال كلام أهل العلم من علماء السلف وأئمة الزمان، فلله الحمد.
- من الذي اطلق العنان للسانه، ومن الفاحش البذئ فينا؟
- ألست القائل في هذه الرسالة عنا الآتي:
سلسلة كشف ( الفرق الضالة! )، ( اخوارج! )، ( الجامية! )، ( خوارج هذا العصر! )، ( الخوارج تشرع! )، كل ذلك علي طرة الكتاب!!
أما بداخله:
( أشد الفرق تعصبًا لآرائها ومعتقداتها الفاسدة! ص2 )، ( نحذر من منهج هذه الفرق. ص2 )، ( خدعوا الناس باسم المنهج. ص23 )، ( نفرهم الناس لدعوتهم إلي أراذل الأخلاق ! ص3 ) ( تفريقهم بين الأهل والأخوة في الله! ص3 )، ( أما مقلديهم – كذا وهو مدرس اللغة العربية! – فهم كالأنعام ص3 )، ( أو أضل سبيلاً ًً !! ص3)، ( قادوهم كالبهائم!! ص3 )، ( وبذاءة اللسان ص6 )، ( إقرارًا لما يقوله سيدهم وكبيرهم ص 7)، ( والسعي بالفساد ويحب الشقاق وإيقاد نار العدوة ص 8)، ( التعالي علي الخلق ص11)، ( صد عن سبيل الله وإفساد في الأرض! ص 13)، ( سباب المسلم وشتمه وتعييره!! ص13)، (يتخذون الغيبة دينًا ص 14)، ( يتصيدون العورات والسقطات ص15) وغيرهم.
- فإن كنت قلت هذه البذاآت حسبة لوجه الله، ونصيحة لحلق الله، وحماية للنا من ضلال هؤلاء!! فنحن أيضًا كذلك – قلنا ما قلنا حسبة...!
- وإن كنت قلتها تشفيًا وغيظًا لما كشفوا منهجك الأعرج؛ فلا تلم الناس علي ما فيك مثله، وكما في المثل: رمتني بدائها وانسلت!
- وإن وجدت لك مخرجًا شرعيًا فيما قلت لا نعرفه نحن فالتمس لنا ما التمست لنفسك.
قولك: [ ولكن ما جال في صدري أنهم سيقعون في بعضهم لا محال...] ص7.
الجواب:
أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فاتفضحت وتناقضت.
تارة تصفنا ( بالولاء والبراء والتعصب الذميم لمعتقداتنا )، وتارة ( بأنه سيقع بعضنا في بعض ) والأول: يدل علي التواطؤ علي الخطأ وعدم النصيحة، والثاني: يدل علي عدم قبول الخطأ ولو كان من أقرب قريب.
فهذه مدحة لا عيب، لكنك عبرت عن هذا الإنصاف والدوران مع الحق حيث دار واتباع النصيحة، وعدم تقديس الأشخاص اتباعًا للحق والدليل؛ عبرت عن هذا المعني الصحيح بقولك: [ يقع بعضهم في بعض ]! لقد ذكرت في رسالتي الثانية السابقة ( من هم الخوارج؟ ) أو غيرها أننا لم نقلد الشيخ ربيعًا في مسألة الإيمان في رسالتي ( سلفيون لا مقلدة ) فراجعها إن شئت التأكد وهي منذ سنين.
وكذلك ما رددناه علي أخينا الشيخ عماد فراج في رسالة بعنوان ( بيننا وبين الشيخ عماد فراج ) كتبها أبو طارق محمود محفوظ، وأبو إسلام حازم خطاب، وأبو جويرية محمد عليو، وأبو حمزة محمد عبدالعيلم، فهل في هذا عيب أو عار؟
وهل يقال وقع بعضهم في بعض؟
ألم يقل الإمام مالك – رحمه الله - : ( ما منا إلا من رَدّ ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر )؟
كان ينبغي عليك أن ترد هذا الصنيع وتري أنه دليل واضح علي أن هؤلاء طلاب حق يدورون مع الدليل حيث دار لا مجرد ( مداخلة ) كالأنعام بل هم أضل سبيلاً، قال – تعالي - : " وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى..."  الأنعام 152.
وقال تعالي - : " يا أيها الذين آمنوا كونوا  قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين " النساء 135.
- ثم ما الفرق ردك علينا – وقد كنت مهنا في زمنًا – حتى قال بعض الصوفية شاتمًا: ( لقد وقع بعضهم في بعض! ) وبين ردنا علي بعض إخواننا؟
فما كان جوابك فهو عين جوابنا!
وإذا كانت مسألة الردود معروفة منذ فترة فمن التعالم الواضح والتكايس والتكاهن قولك: [ ستبدي لك الأيام ]!! والخبر عندك!

الأصل الثالث
التفرق
     قولك: [ والمداخلة يدعون إليك ]. ص8.
     الجواب:
- قولك: [ المداخلة ] تنابز بالألقاب لا نرضاه ونتبرأ إلي الله من كل نسبة تخالف  هدي السلف الكرام الذين هم أهل الإسلام
 الصافي.
- سردك للأدلة التي تبين فضل الاجتماع ونبذ الفرق كلها حقُ وصوابُ وعلي العين وعلي الرأس ولا ننكر منها حرفًا واحدًا، ولله الحمد والمنة.
- زعمك أننا ندعو للتفرق ولا نرضى بالوحدة والاعتصام دعوى عارية من البرهان، فبوسعك أن تستمع إلي أشرطتي وهي بفضل الله موجودة، وكيف وربنا - عز وجل- يقول: " واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا...)؟ آل عمران: 103.
- توحيد الأمة وعدم تفرقها نوعان:
الأول: يقوم علي أساس كلمة التوحيد وصحة المنهج وهذا هو الاعتصام بحبل الله!
الثاني: يقوم علي تجميع وتكتيل أجسام الأمة علي اختلاف عقائدها وبدعها، علي مبدأ: ( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه ).
فأما الأول فهو منهج الرسل وأتباعهم وسبيل سلف الأمة وهو ما ندعو إليه؛
وأما أهل البدع فهم سبب الفرقة لأنهم خرجوا علي الصراط المستقيم وأحدثوا فرقًا وأحزابًا ونحن ندعوهم إلي الرجوع إلي الأصل وهم يأبون علينا فمن المسئول عن هذا التفرق؟ أأهل السنة ( والجماعة )؟ أم أهل الأهواء ( والتفرقة )؟
قال – تعالي - : " وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله " الأنعام 153.
فاتباع الصراط المستقيم سبب توحيد الأمة، واتباع السبل سبب تفرقها شيعًا وأحزابًا واقرأ إن شئت كتاب ( جماعة واحدة لا جماعات و صراط واحد لا عشرات ) للشيخ ربيع المدخلي!!
وأما الثاني: فطريق الإخوان ورؤيتهم في توحيد الأمة، وما أراك إلا انخدعت بهم.
فيبقي التبليغي، والإخواني، والصوفي، والأشعري، والمرجئ، والخوارج، والقطبي، والحزبي، كل علي ضلالته؛ ومع ذلك تتحد الأمة؟!
" تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتي" الحشر 14.
وتأمل هذه الفتاوى لأكابر أهل العلم في هذا الصدد

فتوى الشيخ الألباني
- رحمه الله -

سُئِل العلامة الألباني- رحمه الله تعالي – عن جماعة الإخوان فقال:
( من ناحية أي حزب أو جماعة فإنه لا يقوم علي أساس التثقيف الإسلامي الصحيح الذي ينص علي الكتاب والسنة الصحيحة مقرونًا بفهمها علي منهج السلف الصالح، ليس هناك دعوة تقوم علي هذا المنهاج إلا الدعوة السلفية وما يسمي بأهل الحديث إلي غير ذلك من الأسماء...) إلي قوله: ( الإخوان يجمعون بين السلفي الخلفي والصوفي وغير ذلك )! – هذا كلام الألباني - !!
وقال – رحمه الله - : ( ليس صوابًا أن يقال أن الإخوان المسلمين هم من أهل السنة لأنهم يحاربون السنة ) ا.هــ. من شريط حول جماعة التبليغ والإخوان من تسجيلات منهاج السنة في الرياض.
قلت: فهل هذا التجمع هو الذي تنقم إلينا بسببه؟
وإليك الأخرى:
سُئِل الإمام الألباني – رحمه الله – في شريط لقاء مع سروري الوجه الأول:
هل منهج الإخوان علي السنة؟
فأجاب:
( من المعروف أن قواعد الإخوان المسلمين: [ نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضً فيما اختلفنا فيه] وهذا الإطلاق غير صحيح... وهذه العبارة هي سبب بقاء الإخوان المسلمين نحو سبعين سنة بعيدين عمليًا عن تطبيق الإسلام لأن فاقد الشئ لا يعطيه ) ا.هــ.
فهل الألباني أيضًا: مدخلي! وهل الألباني يرفض توحيد الأمة ويدعوا إلي تفريقها إن كنت من العاقلين؟
وإليك ثالثة:
فتوى الشيخ العلامة الفوزان
- حفظه الله -
سؤال: هل يمكن الاجتماع مع اختلاف المنهج والعقيدة؟
جواب: ( لا يمكن الاجتماع مع اختلاف المنهج والعقيدة وخير شاهد لذلك واقع العرب قبل بعثة الرسول – صلي الله عليه وسلم – حيث كانوا متفرقين متفاخرين فلما دخلوا الإسلام وتحت راية التوحيد وصارت عقيدتهم واحدة، اجتمعت كلمتهم وقامت دولتهم، وقد ذكرهم الله بذلك في قوله – تعالي –: " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا..." آل عمران 103   ا.هــ. الأجوبة المفيدة علي أسئلة المناهج الجديدة. ص210.
فهل الفوزان أيضًا مدخلي؟
وهل الفوزان ضد توحيد الأمة؟
وهل ترجح كلام ( عبدالعزيز الفوزان! ) علي كلام العلامة ( صالح الفوزان )
أم أنك لا تعرف الفرق بينهما؟
أم أردت التلبيس علي القراء علي مبدأ ( كل عند العرب فوزان!! ).
قولك: [ لعل في كلامهم من الإستماع إلي بعض أهل العلم ما يدل علي التفرق ]. ص9.
الجواب:
- أن كان من أهل العلم حقًا فسمة لنا!
- وأن لم يكن كذلك فلا غرو أن الاستماع إلي أمثال هؤلاء هو سبب تفريق الأمة بتبنيهم لمنهج التميع مع أهل البدع فيبقون كل مبتدع علي بدعته بزعم أن هذا هو طريق اجتماع الكلمة ولم الشمل، وهم في الحقيقة آفة في طريق تفريق الأمة وهم لا يشعرون.
- وتهويلك من شأن التفريق مهما كان بحق يوحي بسهوك عن فهم ( التفريق الواجب ) وهو الفرقان بين الحق والباطل.
ألم يقل المشركون: محمد فرق بين الناس؟
وقالوا: فرق بين الوالد وابنه والمرأة وزوجها!
وسمى رسول الله – صلي الله عليه وسلم – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بالفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل!
والله – تعالي – امتن علي عباده بهذه البصيرة فقال: " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا..." الأنفال 29.
يعني نورًا وبصيرة تفرقون بها بين الحق والباطل فنميز أهل السنة من أهل البدع وأهل الحق من أهل الباطل هذا واجب إسلامي تقتضيه عقيدة الولاء والبراء ويحكمه الحب في الله والبغض في الله.
قولك: [ حتي أصبح الناس في حيرة من أمرهم إلي من يستمعون؟ ومن يتبعون ]. ص9.
الجواب:
- الثابت علي منهج السلف بفضل من الله وحده لا يصيب أحدًا بالحيرة.
- أما الذي يصيب الناس بالحيرة والتخبط فهو تلون وتقلب ألئك ( الأحداث ) الذين لهم منهج قبل الانتخابات ومنهج بعدها؛
وتارة يذمون الفرق والبدع وتارة يمدحونها، وليس لهم في السنة قدم ثابت.
- فهؤلاء سبب الحيرة والبلبلة والاضطراب، ومن رأي واقعنا وطلابنا ومن يستمع إلينا لمس ذلك لمس اليد، ورآه رأي العين، فلا حيرة ولا اضطراب ولا بلبلة.
- أما الذي تارة يدعو( لحزب النور ) ويمشي في ركابه، ويصير سمسارًا لطلابه ثم يدعي أنه يحارب الحزبية، بل ويتهم الأبرياء منها بها، فهذا هو التلبيس حقًا والسبب في الحيرة صدقًا.
قولك: [ وهم كأنهم يقولون لا تسمعوا إلا لنا أو من علي شاكلتنا ]. ص9.
الجواب:
- إن قصدت النظرة الحزبية الضيقة فهذا محض خطأ، ونحن نبرأ إلي الله من ذلك، قال – تعالي - : " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقي " النجم 32.
- وإن قصدت من كان علي المنهج السلفي بحق فهذا حق نتقرب إلي الله به، وإذا دللنا الناس علي غير هذا المنهج كنا غاشين لهم كاتمين للنصيحة عنهم.
قال الفضيل بن عياض – رحمه الله – ( من أتاه رجل فشاوره فدله علي مبتدع فقد غش الإسلام ). شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
فمن قيل له: استمع إلي فلان – المبتدع - ؟ فقال: نعم، استمع لمن شئت وخذ بالدليل! فقد عضه للهلاك وكتمه النصيحة وغشه وهو لا يشعر.
ثم قولك: [ كأنهم يقولون...].
أليس هذا من الاتهام بمجرد الظن، والدخول إلي النيات.

المداخلة والألباني

قولك: [ ولعل في الحوار الذي دار بين الألباني – رحمه الله – وأحد المداخلة عندما خاض في أحد العلماء فقال له الشيخ الألباني - رحمه الله – ما فائدة الشبه التي تريدونها ثم ذكر كلمته الجامعة ( أنتم علي حرف ) من الضلالة فاتقوا الله - عز وجل - في لحوم المسلمين... ولعل كلام شيخنا الألباني السابق ما دعي المدخلية لإسقاطه وعدم الأخذ من أقواله ]. ص9.
الجواب:
- كلام غير موثقٍ فلا يعلم من أين أتي به.
- رواية عن مجهول أسماها أحد المداخلة.
- وكأن هذا المخلوق ( المدخلي ) المتحدث الرسمي باسم هذه الفرقة التي لا وجود لها إلا في خيال الحزبيين، فيؤخذ بجريرته جميع طائفته والله – تعالي – يقول : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى...) ونبيه الكريم يقول : ( لا يجني جانٍ إلا علي نفسه ). رواه الترمزي وصححه الألباني.
- خوض هذا ( المدخلي ) المجهول في أحد العلماء فمن هذا الرجل الذي سميته أحد العلماء؟ فإن كان عالمًا حقًا فلا شك أن من خاض فيه فهو منحرف يستحق ما قيل فيه وزيادة ونحن معك!
- ما نسبته للألباني – رحمه الله – أنه قال : ( ما فائدة الشبهة التي توردونها ) يشبه كلامه – رحمه الله – في بداية الأمر، فمن المعلوم لدينا أنه كان له كلام مدح في سيد قطب وسلمان وسفر وغيرهم، ثم لما تبين له حالهم قال ما قال مما نقلته في موضعه من تجهيله لسيد قطب وثناؤه علي الشيخ ربيع،فكيف تستدل بقولٍ رجع عنه صاحبه؟! هذا علي سبيل التنزل إن تبتت الرواية!
- ما نسبته للألباني – رحمه الله – أنه قال : ( أنتم علي حرف) من الضلالة فاتقوا الله في لحوم المسلمين).
فيه أمور:
- ما وضعته خارج القوسين وهو (من الضلالة) هل هو من كلام الألباني؟ أم من كلامك؟ أم من كلام من نقلت عنهم؟ أم لا تدري؟!
- قوله ( أنتم ) هل هناك دليل علي أن الشيخ الألباني – رحمه الله – قصد بذلك ما يسمي بـ( بالمداخلة )؟ وأين سياق الكلام؟ وأين القرينة؟ ومن أخبرك بذلك؟ أهكذا التهمة تكون بمجرد الظن؟! أليس من المحتمل أنه يقصد طائفة من الشباب الذين يطعنون علي أهل العلم بغير بينة خاصة وأن الشيخ لم ينسبهم إلي فرقة ولا منهج بل التسمية من الراوي! – إن صحة الرواية-.
- إذا كان الإمام الألباني – رحمه الله – يقول عن المداخلة : ( أنتم علي حرف من الضلالة فاتقوا الله في لحوم المسلمين ) ومع ذلك يقول:
*- ( حامل راية الجرح والتعديل أخونا الدكتور ربيع!! ) ا.هــ. شريط بدعة الموازنات.
*- ( جزاك الله خيرًا أيها الأخ الربيع علي قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام ) ا.هـــ. وثيقة بخط الشيخ الألباني أنظرها مصورة ص 408 من دفع بغي الجائز الصائل.
*-( فالحط علي هذين الشيخين – ربيع ومقبل – إنما يصدر من أحد رجلين إما جاهل وإما صاحب هوى).
 سلسلة الهدى والنور ( 1/ 851 ).
*- ( أما من حديث العلم فليس هناك مجال لنقد رجل إطلاقًا ). درس للشيخ عن بدعة الموازنات.
*- ( وأن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدة ولا أذكر أني رأيت له خطًا وخروجًا عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه ) سلسلة الهدي والنور ( 1/ 851).
*- ( والذي يردون عليه لا يردون بعلم أبدًا والعلم معه ). درس للشيخ عن الموازنات.
فهذا كلام الألباني بصوته لا بخطه وهو كلام صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، فدع روايات المجاهيل والكلمات المشتبهات والتلبيس بها علي هذا الكلام المحكم البين.
ز- قولك: [ ولعل كلام شيخنا الألباني السابق..]
أقول:
- أثبت العرش أولاً ثم انقش.
- متي كان الألباني شيخك يومًا ما؟
- إن كان شيخك حقًا فأين أنت من كلام الألباني السابق وفي : ( سيد قطب، والإخوان، والتبليغ، وبدعة الموازنات، وكلامه الأخير في الانتخابات، والجرح والتعديل، بل وفي شأن الشيخ ربيع ومقبل وبقية أبواب المنهج )؟!
فالشيخ الألباني – رحمه الله – كالطود الشامخ يعني منار السلفية في كل هذه الأبواب ويؤيده أهل العلم ومنهم الشيخ ربيع، فأين أنت من منهج الشيخ أصلاً؟
بل إنني أتساءل بالله عليك هل قرأت كتابًا واحدًا كاملاً للشيخ الألباني؟ إن حلف صدقتك!
- فإن وافقتَ الألباني- رحمه الله – في الأبواب السابقة فهل تجيز لغير أن يقول أنك ( مدخلي )؟
ح- قولك: [ ولعل كلام... ما دعا المداخلة لإسقاطه وعدم الأخذ من أقواله] – أي الألباني -.
- من أسقط الشيخ الألباني؟ سمه انا.
- هل أسقطه العلامة ربيع؟
قال ربيع – حفظه الله - : ( وكل السلفيين – والحمد لله – يعرفون تقدير ربيع للمنهج السلفي وطلابه وتقدير الألباني وغيره والذب عنهم وهذه كتبه وأشرطته ومواقفه واضحة وضوح الشمس في ذلك، فلا تظن أيها النكرة أنك قد نلت مأربك الهابط بمثل هذه الأكذوبة التي لا يقل إسنادك فيها عن أسانيد الروافض والخرفيين من أحلاس التصوف ) ا.هــ. بيان فساد المعيار للشيخ ربيع ص 50.
- هل أسقطته أنا - معاذ الله – أين ذلك؟ فهذه رسائلي وهذا موقعي علي الشبكة، فهل عندكم من دليلٍ فتخرجوه لنا؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!
- أما قولك : [ وعدم الأخذ من أقواله ] فكذب محض فمن أجدر بأقوال الألباني – رحمه الله -؟ ونحن بفضل الله – تعالي – من القائمين عليها دراسةً، وتدريسًا، ونشرًا، وإحاطةً، فهي كتبً لا يستغني عنها طالب علم ولا عالم،
ولعل كل من يعرفنا يعلم بُعد هذه المقولة علي الصواب أبعد مما بين المشرقين.
فالألباني – رحمه الله – يقول بمنع الأحزاب وكذلك نحن، بينما كنت – أنت – تمشي في ركاب حزب النور تجول في القرى تدعو له.
والألباني – رحمه الله – منهجه قائم علي محاربة البدع كبيرها وصغيرها، وكذلك نحن – بفضل الله – وأنت صرت الآن كهفًا لأهل البدع ومأوي لكل مبتدع.
والألباني – رحمه الله – اعترف بعلم ربيع وأثني علي منهجه وكذلك نحن – بفضل الله – وأنت طعنت فيه ونسبة إليه فرقة ضالة مدخلية خارجية.
والألباني يحذر من الإخوان والتبليغ وكذلك نحن – بفضل الله –، وأنت قد صِرت جنديًّا تدافع عنهم ضدنا. فأي الفريقين أحق بالألباني إن كنتم صادقين؟
الأصل الرابع
الحزبية
قال: [ نهي النبي – صلي الله عليه وسلم – عن جماعةٍ غير جماعة غير المسلمين، وعن الحزبية والمداخلة يتبنونها ]. ص10
والجواب:
- أما عن الحزبية فقد علم الكاتب أننا أول من حاربها في بلدنا ونفرنا الناس من دعاتها، وما زالت لنا معهم صولاتُ وجولاتُ، بينما الكاتب: قد وضعت الحرب أوزارها بينه وبين الحزبيين، فصاروا أصفياءَه وأولياءه.
- لقد أرسلتُ للكاتب نسخة من رسالتي ( حلف الفضولي والأحزاب الإسلامية المعاصرة ) مع بعض أقرباؤه وفيها رددت علي شبهات الحزبيين في تعلقهم بحديث حزب الفضولي، ونقلت هناك فتاوى أهل العلم: الألباني وابن باز وابن عثيمين والفوزان، في منعها، فما كان منه إلا الإعراض وجحد الفضل ولم يعترف بالجميل، وكان السبب في ذلك أنه كان داعيةً لحزب النور، ومؤيدًا له، فصنَّفت هذه الرسالة وبعثت بنسخةٍ إليه فقال: [ لا نؤمن بالحزبية] أو كما قال. فقلت: الحمد لله!
فما باله اليوم يرميني بدائه، ويجحد سبقي وجميلي، ويتهمني بما يعلم أنني منه براء فإذا قلنا: ( كذب ) قال: ( هذا فُحش وغِلظة ) فما حيلتي؟!
- إن كان لا يقصدني بل يقصد- مثلاً- الشيخ ربيعًا- نفسه- فالشيخ ربيع أيضًا أول من حارب الحزبية وذلك في كتابه القيم جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات وقد قدم له الشيخ العلامة صالح الفوزان- حفظهما الله- وفيه الرد علي عبدالرحمن عبد الخالق في موقفه من العمل الجماعي التنظيمي الحزبي وهو شيخ لكل الحزبين المصريين الذين يعظمهم الكاتب ويرمينا بدائهم هم.
- وإن كان لا يقصد الشيخ ربيعُا أيضًا فكل الدعاة إلي النتهج السلفي حقًا فهم يذمون الحزبية ويتبرأون من العمل الجماعي الحزبي، فهذا الشيخ محمد سعيد رسلان له سلسلة طيبة في الرد علي الحزبية والعمل الجماعي وكتاب الشيخ عماد فراج النصائح السلفية إلي مدرسة الإسكندرية، وكذلك الشيخ هشام البيلي وكذلك الشيخ محمد بن عبدالعليم، والشيخ حازم خطاب، وغيرهم ممن نحسبهم علي المنهج السلفي ولا نزكيهم علي اله ولا ندعي لهم العصمة فكلهم علي هذه الجادة من التحذير من الحزبية.
- وإن قال: أنا لا أقصد هذه الحزبية التي فهمتها وإنما أقصد ( التعصب للأقوال والأفعال علي غير دليل ) ص10
فالجواب:
- أما الدليل فأنت من أبعد الناس عنه وعن فهمه، بل لا صلة لك أصلاًً بالعلم الشرعي إلا علي سبيل المجاز!
بل لا تستطيع تحرير مسألة فقهية أو أصولية وفق قواعد أهل العلم، وإنما هو التقميش والقص واللصق والتهويش، فدع عنك ذكر الدليل فلست من أهله، وهذه شهادة مني أسأل عنها يوم القيامة، وعند الله نلتقي.
- وأما التعصب للرأي فأنت إمامه لا نحن، بل عمدتنا الدليل وهذه أشرطتنا وكتبنا موجودة فليطالعها من شاء التأكيد ليرى إذا كنا من أنصار الدليل أم من أنصار الهوى والرأي، والله المستعان.
قولك: [ ولكن المداخلة صاروا: 1- يدعون إلي اتباعهم دونما سواهم بدعوى أنهم علي الحق دائمًا وأن غيرهم علي ضلال فساد ولإقرار هذا الكلام يفترون علي الناس. 2- يتعصبون... 3- يوالون ويعادون إلي فرقتهم... 4- ينصبون شيوخهم للولاء والبراء. 5- يقلدون شيوخهم ولا يرجعون إلي الله ورسوله بل إلي مشايخهم ] ا.هــ. ص11
هذا كلام رجل لا يخاف الله ولا رياقب الآخرة ولا يتواني أن يكيد التهم جزافًا للأبرياء، ولا يقدم دليلاً واحدًا علي ما ذكر. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
" والذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبيناً "
أليس هذا الكاتب هو الأولي بتلك الأصول التي نسبتها لنا:
- الاستطالة في الأعراض.
- سباب المسلم وشتمه وتعييره.
- الغلظة.
- التعالي.
أليس أنت أولي بكل ذلك؟ فمن العجب قولك بعد ذلك: [ وبفضل الله علينا لا نعاملهم ولن يجرونا إلا ما هو متلبس بهم نعوذ بالله من أراذل الأخلاق وسفاسفها ] ا.هـــ. ؟!!ص14.
فالجواب:
وهل تركت شيئًا وصفتهم به إلا ووقعت فيه؟
وقد صدق القائل:
       لا تنه عن خلق  وتأتي مثله            عارُ عليك إذا فعلت عظيم
وأقول لك:
لو كنا ممن يرضي هذه الأخلاق لذكرنا عنك ما نعرفه بأنفسنا ومعنا به الشهود مما لا يعلمه مَن فُتن بكلامك وصادف هوى في نفسه من غير أبناء قريتك.
ووالله إنا لقادرون علي ذلك ولكنا خضنا حربك لله لا لحظ النفس، فنجعل الله في نحرك، ونعوذ به من شرك، ونكل أمرك إلي الله عز وجل، فلسنا ممن يتبع العورات، ولا يتصيد السقطات، ولكنك بجهلك بأصول المنهج السلفي بل وبالعلم الشرعي جملةً؛ صرت تخلط بين أمورٍ متباينة، وتستدل بأدلةٍ لا تفهمها علي الطعن في عين المنهج السلفي، وصرت تسمي الأشياء بغير اسمها، فالنصيحة من الزلات والغيرة علي صفاء السنة- عندك- ( تتبع العورات وتصيد السقطات )!
" ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".

الغيبة

قال: [ والمداخلة يتخذونها دينًن... فكيف يسوغ المداخلة لأنفسهم أن يجعلوها دينًا ويدعوا القرابة إلي الله بها ويكذبون علي الناس باسم المنهج ]ص14
والجواب:
قال تعالي " بل كذبوا بما لا يحيطوا بعلمه " يونس: 39.
وقال تعالي: " ولا تقف ما ليس لك به علم " الإسراء: 36.
وقال تعالي: " بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون" الأنبياء 24.
وقال – صلي الله عليه وسلم- : ( ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العمي السؤال ).
ورحم الله القائل:
     وكم من عائب قولاً صحـيحًا        وآفته مـن الفهم الســقــيــم
     ومن طلب العلوم بغير شيخًا        يضل عن الصراط المستقيم
قال الشيخ الدكتور الرحيلي في كتابه القيم موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ( 2/ 296 ):
حكم إطلاق لفظ ( الغيبة ) علي الطعن علي أهل البدع وما يقوم به المحذر من الكلام فيهم: والذي يظهر لي بعد البحث والنظر في المسألة ثبوت ذلك الإطلاق عن السلف وصحته في الشرع.
وتقرير هذه النتيجة يتم عن دراسة فرعين:
الفرع الأول: في ثبوت ذلك الإطلاق عن السلف وأهل العلم.
الفرع الثاني: في بيان وجه صحة هذا الإطلاق وعدم معارضته لأدلة تحريم الغيبة.
أما الفرع الأول: فقد ثبت إطلاق لفظ الغيبة علي الطعن علي أهل البدع في غير ما أثر.
- فعن الحسن البصري – رحمه الله تعالي- أنه كان يقول: ( ليس لأهل البدع غيبة )      ( اللالكائي وابن بطة )
- وعنه أنه قال: ( ثلاثة ليست لهم حرمة في الغيبة: أحدهم صاحب بدعة غالٍ في بدعته )      ( اللالكائي )
- وفي رواية أخري عنه: ( ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة )        ( اللالكائي )
- وعن هانئ بن أيوب قال: ( سألت محارب بن دثار عن بدعة الرافضة؟ قال: إنهم إذن لقوم صدق؟ قال حسين بن علي – أحد الرواة – لم ير بغيبتهم بأسًا )     ( الخلال )
- وعن إبراهيم النخعي أنه قال: ( ليس لصاحب البدعة غيبة )     ( الدارمي، واللالكائي )
- وعن سفيان بن عيينه قال: ( صاحب الهوي في الدين ليس له غيبة )     ( المقدسي في مختصر الحجة )
فدلت هذه الآثار عن السلف علي إطلاق لفظ ( الغيبة ) علي ما يقوم به التحذير من أهل البدع من الطعن عليهم وبيان حالهم فكأن قولهم ( ليس لصاحب البدعة غيبة ) يتضمن أن: الطعن علي أهل البدع غيبة لكن أهل البدع ليس لهم غيبة.

فصل

وقد جاء إطلاق الغيبة علي ما يتم به التحذير من أهل البد وغيرهم من أهل الفساد من ذكر عيبهم والطعن فيهم جاء ذلك صريحًا عن الإمام البخاري حيث ترجم لحديث النبي – صلي الله عليه وسلم - : ( ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا ) فجعل ذم النبي – صلي الله عليه وسلم – لذلك الرجل بقصد التحذير منه من الغيبة الجائزة.
وقال النووي – رحمه الله- في رياض الصالحين: اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستت أسباب.
قال في السبب الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو ببدعته كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس... إلخ
وقال  ابن الصلاح – رحمه الله – في فتواه:
( تجوز غيبة المبتدع بل ذكره بما هو عليه مطلقًا غائبًا وحاضرًا إذا كان المقصود التنبيه علي حاله ليحذر،علي هذا مضي السلف الصالحون أو من فعل هذا منهم. ثم يجوز ذلك ابتداءً يبتدئ به وإن لم يسأل) ا.هــ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى:
( وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء، أحدهما أن يكون الرجل مظهرًا للفجور: مثل الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه، بحسب القدرة... وأن يهجر ويذم علي ذلك فهذا معني قولهم ( من ألقي جلباب الحياة فلا غيبة له) بخلاف من كان مستتر بذنبه مستخفيًا فإن هذا يستر عليه، لكن ينصح سرًا ويهجره من عرف حاله حتى يتوب ويذكر أمره علي وجه النصيحة) ( 28/219 )
وقال الحافظ بن حجر – رحمه الله – في شرح حديث بئس أخو العشيرة في فتح الباري شرح صحيح البخاري:
( ويستنبط منه أن المجاهر بالفسق والشر لا يكون ما يذكر عنه من ذلك من ورائه من الغيبة المذمومة. قال العلماء: تباح الغيبة في كل غرض شرعي صحيح شرعًا حيث يتعين طريق إلي الوصول إليه إلا بها ) ( 10/471 )
فتأكد بهذه النقول ثبوت إطلاق لفظ الغيبة علي ما يتم به التحذير من أهل البدع من الطعن عليهم والتشهير بهم من بعض أئمةالسلف وأهل العلم من بعدهم وهذا يدل علي صحة هذا الإطلاق لتواتره علي أهل العلم مع عدم المعارضة.
الفرع الثاني:
وهو بيان وجه صحة هذا الإطلاق وعدم معارضته لعموم أدلة تحريم الغيبة له توجيهان سائغان:
التوجيه الأول: أن الغيبة إذا أطلقت علي الطعن علي أهل البدع بقصد التحذير منهم وحكم بجوازها: إنما يراد معناها اللغوي لا الشرعي الذي دلت النصوص علي تحريمه.
وإلي ذلك أشار ابن حجر – رحمه الله – في شرحه لحديث النبي – صلي الله عليه وسلم – ( خير دور الأنصار بني النجار ) الذي أورده البخاري بعد ذكر الأحاديث في الغيبة قال:
( في إيراد هذه الترجمة هنا إشكالاً لأن هذا ليس من الغيبة أصلاً إلا إن أخذ من المفضل عليهم يكرهون ذلك فيستثني ذلك من عموم قوله ( ذكرك أخاك بما يكره ) ويكون محل الزجر إذا لم يترتب عليه حكم شرعي، فأما ما يترتب عليه حكم شرعي فلا يدخل في الغيبة ولو كرهه المحدث عنه )   فتح الباري 10/471
ثم قال في حديث عائشة ( بئس أخو العشيرة ) الذي ترجم له البخاري – رحمه الله – بقوله ( باب ما يجوز من اغتياب أهل الريب والفساد ):
( وقد نوزع في كون ما وقع من ذلك غيبة، وإنما هو نصيحة ليحذر السامع وإنما لم يواجه المقول فيه بذلك لحسن خلقه – صلي الله عليه وسلم – ولو واجه المقول فيه لكان حسنًا، ولكن حصل القصد بدون المواجهة.
والجواب:
أن المراد أن صورة الغيبة موجودة فيه ولم يتناول الغيبة المذمومة شرعًا، وغايته أن تعريف الغيبة المذمومة أولاً ( أي قول النبي – صلي الله عليه وسلم – ذكرك أخاك بما يكره ) هو اللغوي وإذا استثني منه ما ذكر كان ذلك تعريفها الشرعي) ا.هـــ. فتح الباري بشرح صحيح البخاري ( 10/471 )


قال الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي- حفظه الله- بعد ذلك:
( فالحاصل أن للغيبة معنيان: أحدهما: ( لغوي ) وهو ذكر الإنسان بما يكره سواء أكان ذلك لسبب شرعي أو لغير سبب شرعي، ويدخل تحت هذا المعني الغيبة المباحة وهي التي لمصلحة شرعية، والغيبة المحرمة هي التي ليست كذلك، والمعني الآخر ( شرعي ) وهو ذكر المسلم بما يكره من غير مصلحة شرعية فهو أخص من المعني الأول، وهذا النوع من الغيبة هو التي دلت النصوص علي تحريمه )ا.هــ. موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ( 2/503 )
التوجيه الثاني:
أن إطلاق لفظ الغيبة علي ما يتم به التحذير من أهل البدع من الطعن عليهم وبيان حالهم بقية علي معناها الشرعي الذي دلت النصوص علي تحريمه لكن لما دلت النصوص علي وجوب التحذير منهم وبياان حالهم اتفي الاثم عن غيبتهم لتلك المصلحة  فصرح العلماء بجوازها بقي اللفظ علي وضعه الشرعي.
وبهذا يندفع ما يتوهم من تعارض بين إطلاق السلف وأهل العلم علي الطعن علي أهل البدع بقصد التحذير منهم لفظ ( الغيبة ) والحكم بجوازها وبين النصوص الدالة علي تحريم الغيبة بأحد هذين التوجيهين، ويظهر بهذا صحة الإطلاق والله أعلم.

فصل
شروط غيبة المبتدع والفاسق ونحوه

أولاً: الإخلاص لله في ذلك بقصد نصح المسلمين وتحذيرهم من ذلك المبتدع دون ذلك من أسباب الغيبة المحرمة كعداوة شخصية لذلك المبتدع أو غيره أو وجد أو غير ذلك من المقاصد المحرمة فإن تلك الأسباب لا تبيح غيبته لأنها لحظ النفس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- بعد حديثه عن غيبة المبتدع :( ثم القائل في ذلك بعلم لا بد له من حسن النية فلو تكلم لقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ورياءً وإن تكلن لأجل الله تعالي مخلصًا له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله من ورثة الأنبياء خلفاء الرسل وليس هذا مخالفًا لقوله – صلي الله عليه وسلم – ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) 28/235
ثانيًا: العدل؛ فلا يذكر المبتدع إلا بما فيه علي الحقيقة ولا يطعن عليه إلا بما فيه من خصال الشر:
قال تعالي :" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
فأما الطعن عليهم بما ليس فيهم ورميهم بما هم منه براء فليس من الغيبة المباحة بل هو من البهتان المحرم لقوله – صلي الله عليه وسلم - : ( وإن يكن فيه ما يقول فقد بهته ) والبهتان لم يرخص فيه الله ولا رسوله، ولا أحد من سلف الأمةفي حق أحد من الناس بحال كائنًا من كان ولو كان أكفر الناس لأنه من الظلم والله حرم الظلم علي نفسه وجعله بين عباده محرمًا.
ثالثًا: أن يكون المبتدع مجاهرًا ببدعته معلنًا بمخالفته، فأما إن كان مستترًا ببدعته فلا تجوز غيبته ولا التشهير به.
قال الإمام الأوزاعي – رحمه الله- : ( وكانت أسلافكم تشتد عليهم ألسنتهم وتشمءز منهم قلوبهم ويحذرون الناس ببدعتهم، ولو كانوا مستترين ببدعتهم دون الناس ما كان لأحد أن يهتك منهم سترًا ولا يظهر منهم عورة، الله أولي بالأخذ بها وبالتوبة عليها فأما إذا جهروا بها وكثرة دعواتهم ودعاتهم إليها فنشر العلم حياة والبلاغ عن رسول الله رحمة ) ( انب وضاح – البدع والنهي عنها ).
وقال شيخ الإسلام –رحمه الله - : فهذا معني قولهم ( من ألقي جلباب الحياة فلا غيبة له ) بخلاف من كان مستترًا بذنبه فإن هذا يستر عليه لكن ينصح سرًا ويهجره من عرف حاله حتي يتوب ويذكر أمره علي وجه النصيحة. ( 28/217 )
فإن المعصية إذا أعلنت أضرت العامة وإذا خفيت لم تضر إلا صاحبها كما هو معلوم فاختلف الحال.
رابعًا: أن يكون المبتدع المتكلم فيه حيًا غير ميت فإن كان ميتًا فإنه لا تجوز غيبته لقول النبي – صلي الله عليه وسلم - : ( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلي ما قدموا ) رواه البخاري. إلا أن يكون لذلك الميت كتب تقرر البدع وأتباع ينشرون تلك البدع بعده، فإنه يحذر من ذلك الشخص لأن السبب المبيح لغيبته ما زال قائمًا وهو تأثر الناس بكتبه وبأتباعه.
قال القرافي – رحمه الله - ) : ومن مات من أهل الضلال ولم يترك شيعة تعظمه، ولا كتب تقرأ، ولا سبب يغشي منه إفسادًا لغيره فينبغي أن يستر بستر الله – تعالي – ولا يذكر له عيب البته وحسابه علي الله تعالي ) راجع موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ج2/506
قلت: ومن هذا الباب ذكر العلماء إلي يومنا هذا أهل البدع من الموتي كالجهم ابن صفوان وواصل بن عطاء وغيرهم.
وقال الإمام أبو عمرو الداني ت 444:
أهــون بـقــول جـهــم الخــسيــس            وواصـــل وبـشـر المريسي
ذي السخف والجهل وذي العنادي            ومـعـمـر وابـــن أبـــي دؤاد
وابـن عـبـيــد شـيـخ الاعـــتــزال            وشــارع الــبـدعة والضلال
والجــاحــظ الـقـادح فــي الإسلام            وجبت هدي الأمـة النظامي
والفاسق المعروف بالــجـــبـــائي            ونجله السخـيـف ذي الحناء
والـــلاحـقـي وأبـــي الـــهـــذيـــل              مـؤيـدي الـكـفـر بـكـل ويـل
وذي الـعــمـي ضـرار الـمـرتـاب            وشبههم من أهــل الارتياب
جــمـيعـهـم قــد غـالــط الـجـهـالا            وأظهر الـــبـدعة والضـلالا
وعــــد ذاك شــرعـــةً وديـــنًــــا            فـــمـــنــهـــم لله قـــد بـرينا
قال إبراهيم بن طهمان: حدثنا من لا يتهم غير واحدٍ أن ( جهمًا ) رجع عن قوله ونزع عنه وتاب إلي الله منه فما ذكرته ولا ذكر عندي إلا دعوت الله عليه، ما أعظم ما أورث أهل القبلة من منطقة العظيم. ( الإبانة الكبري لابن بطة ).


فصل
حديث عتبان بن مالك – رضي الله عنه –

ذكر الكاتب حديث عتبان بن مالك في الصحيحين:
(... فقال رجل ما فعل مالك بن الدخشن؟ لا أراه. فقال رجل منهم: ذاك منافق، لا يحب الله ورسوله. فقال رسول الله: لا تقل ذلك ألا تراه قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.
فقال: الله ورسوله أعلم. أما نحن فو الله لا نري وده ولا حديثه إلا إلي المنافقين.
فقال رسول الله: فإن الله حرم علي النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله. البخاري ومسلم.
ثم قال الكاتب ص 10:
فانظر رعاك الله تعالي:
- كيف شدد النبي النكال علي من رمي الناس بالباطل لمجرد زعم منهم.
- كيف نهي النبي – صلي الله عليه وسلم - عن الغيبة بقوله لا تقل ذلك.
والنهي يقتضي التحريم.
- كيف أن الحكم لا يكون بمجرد التأويل علي زعمهم ؟!!
- كيف أن الجلوس مع المنافقين لا يضر بصاحبه إن كان قلبه سليمًا لا يجوز الحكم عليه بمجرد الجلوس!!!
- وانظر كيف أن النبي أنكر عليهم الحكم ولم ينكر عليهم الجلوس مع المنافقين إذا صلحت سريرته...) ا.هـــ..ص51
ثم ساق بعض الآثار في تحريم الغيبة والبهتان.

وقفات
مع استدلاله بحديث عتبان بن مالك – رضي الله عنه –
والجواب بعون الله – تعالي- :-
1- الحديث في الصحيحين، فلماذا أعرض الكاتب عن ذكر هذه الفوائد من كلام ابن حجر والنووي – رحمهما الله - ؟
أم أنها من بنات أفكاره – هو -، فمن سبقك من أهل العلم إلي ذلك الفهم البعيد كل البعد عن معني الحديث وهذان هما شارحا الصحيحين ؟!
2- أن الصحابي الذي ذكر ابن الدخشن إنما اتهمه بالنفاق، وهذا حكمُ عليه بالتكفير والإخراج من الملة؛ لذا قال : ( منافق لا يحب الله ورسوله )، وكلامنا ليس في التكفير ولكن في التحذير!
3- أن الذي حدا بهذا الصحابي إلي هذا الحكم ليس مجرد الجلوس – كما زعم الكاتب – بل لما هو فوق ذلك – حسب اجتهاده – وهو الميل والمودة والركون لذا قال معللاً: أما نحن فوالله ما نري وده ولا حديثه إلا إلي المنافقين ).
4- أن النبي – صلي الله عليه وسلم – لم ينكر علي هذا الصحابي إنكاره هذا الود والميل إلي المنافقين، فلم يقل – مثلاً - : لا تغتبه!
ولم يقل: جلوسه مع المنافقين لا يضره إذا صلحت سريرته! وما إلي ذلك.
5- بل سكوت النبي – صلي الله عليه وسلم – عن هذه الجهة في كلام الصحابي لمن أوضح الأدلة علي صحة كلام الصحابي – من هذه الجهة -، ولكنه أخطأ في استلزام ذلك النفاق الأكبر والكفر الأعظم . وهو التالي:
6- أن النبي – صلي الله عيه وسلم – إنما أنكر علي الصحابي حكمه بالتكفير لذا قال: لا تقل ذلك!
و(ذلك) اسم إشارة يشير إلي ما سبق من كلام الصحابي ( منافق لا يحب الله ولا رسوله) فالنهي الذي يقتضي التحريم منصب علي الحكم بالنفاق، والحكم بنفي ما في قلبه من محبة الله ورسوله، وهذا لا سبيل له عليه لأن مجرد ما صدر من مالك بن الدخشن – رضي الله عنه- لا يستلزم الكفر!
وكذلك محبة الله ورسوله إنما هي في القلب ولا اطلاع لأحد عليها.
فهذا هو الذي أنكره رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ويؤيده:
7- قوله – صلي الله عليه وسلم - : ( فإن الله حرم علي النار من قال لا إله إلا الله يبتغ بذلك وجه الله ) دليل ما ذكرنا أن إنكار النبي – صلي الله عليه وسلم – علي الحكم المستلزم لدخول النار ولا بد، وذلك لأن النفاق الأكبر والإخلاص لا يجتمعان أبدًا في القلب، وهذا الرجل قالها ( يبتغي بذلك وجه الله ) فهذا هو الإخلاص. –وهذا لا يعلمه رسول الله – صلي الله عليه وسلم- إلا بوحي من الله – فكيف يُحكَم بنفاق القلب علي مخلص القلب؟ فهذا محل الإنكار.
8- أننا نسأل الكاتب عن هذا الصحابي الذي ذكر مالك بن الدخشن – رضي الله عنهما – من أين أتي بهذا الحكم – وهو تحريم الجلوس مع المنافقين وغيرهم من أهل الأهواء والميل إليهم والمودة لهم- ؟ وبالتالي أنكر بناءً علي ذلك موقف ابن الدخشن بين يدي رسول الله – صلي الله عليه وسلم – فمن أين أتي الصحابي بهذا الحكم؟!
9- أليس حسن الظن بهذا الصحابي يقتضي أنه أخذه من رسول الله نفسه وأقوله الأخري وسيرته وهديه؟
والدليل علي ذلك إقراره – عليه الصلاة والسلام- لهذه الجهة من كلام الصحابي! وإنما اقتصر الإنكار علي ما ذكرنا من الحكم بالنفاق وعدم محبة الله ورسوله لمجرد ذلك.
10- مالك بن الدخشن – رضي الله عنه – لم يكن حاضر المجلس أصلاً لذا قال الصحابي : ( ما فعل مالك بن الدخشن لا أراه )
فكيف يقول الكاتب:
[ كيف أن النبي لم ينكر عليه الجلوس مع المنافقين إذا صلحت سريرته]؟
فهذه غفلة منه، فالرجل لم يكن حاضرًا أصلاً والحكم كان مستقرًا عند الصحابة فلا حاجة لإنكارٍ علي غائب، والحاضرون يعلمون الحكم أصلاً فما الداعي؟!
11- طعن الكاتب في أحد الصحابة – رضي الله عنه – في قوله: [ ...من رمي الناس بالباطل لمجرد زعم منهم ]!!
فهل هذا الصحابي الجليل من المداخلة؟
وهل يقال عن الصحابي أنه رمي الناس بالباطل بزعمه؟!
وهل النبي شدد عليه النكال؟! وأين هذا النكال؟
بل إن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – خطأ هذا الصحابي الجليل وفي نفس الوقت لم يوقع عليه أي عقوبة بل عذره لأن الحامل له علي ما قال الغيرة علي دين الله تعالي والحمية له، والبراءة من المنافقين، واكتفي – عليه السلام – ببيان الحكم الشرعي الصحيح.
12- قول الكاتب :[ كيف نهي النبي – صلي الله عليه وسلم – عن الغيبة بقوله : ( لا تقل ذلك )]
ليس كما قال - كما ذكرنا أنفًا – فمرجع اسم الإشارة الحكم بالنفاق وعدم محبة الله ولا رسوله وليس مطلق الغيبة. فتنبه!
والنهي عن الغيبة قد وردت فيه الأحاديث الكثيرة والتي لا تعارض ذكر المخالف بما فيه علي وجه النصيحة والتحذير من ضرره كما سبق ذلك في مبحث الغيبة فراجعه فإنه مهم.
13- قول الكاتب :[ أن الحكم لا يكون بمجرد التأويل علي زعمهم]
- كلام لا معني له.
- ولو قال بمجرد الظن لكان أقرب.
- ومع ذلك فهذا الصحابي لم يتكلم بمجرد الظن بل قال :( أما نحن فلا نرد وده وحديثه إلا إلي المنافقين )
وهذه رؤية مشاهدة واقع ملموس لديهم لا مجادلة لجحدها، وإن كان الخطأ من استلزام هذا الواقع لتلك النتيجة.
14- قوله :[ كيف أن الجلوس مع المنافقين لا يضر بصاحبه إن كان قلبه سليمًا ].
- فمن سلفك في هذه الباقعة؟ وهي أن الجلوس مع المنافقين لا يضر بصاحبه إن كان قلبه سليمًا؟
- ومن يأمن البلاء والقلوب ضعيفة، والشبهة خطافة، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء؟
- وإذا أمن هذا علي نفسه فكيف بحال من يراه مجالسًا للمنافقين من الضعفاء والعوام الذين يغترون بجلوسه معهم، فليقلدونه في ذلك فهل يؤمن علي هؤلاء من الفتنة أيضًا؟
أخطأت يا هذا وقلت ضلالا
15- وربما لقائل أن يقول: لو سلمنا جدلاً بما قلت؛
فإن الحديث إنما جاء في شأن المنافقين لا في شأن أهل الأهواء والبدع، ومعلوم أن المنافق يظهر الإسلام والحق والطاعة، ولا يظهر الكفر والباطل إلا إذا خلا إلي شياطينه ممن هو علي شاكلته في النفاق ونحن نعامله بحسب الظاهر؛ بينما المبتدع المظهر لبدعته الداعي إليها المروج لها يطعن في السنة جهارًا نهارًا فكيف يستويان؟- ألم يمتنع رسول الله عن قتل (بعض المنافقين) لئلا يقول قائل: إن محمدًا يقتل أصحابه؟!
- ألم يقل في بعض أهل البدع الذين ( يحقر أحدكم صلاته إلي صلاتهم وقراءته إلي قراءتهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )؟!
فانظر كيف فرق بين الحكمين!
ولا شك أن المبتدع الذي لم تخرجه بدعته من الإسلام أفضل في الآخرة من المنافقين، فهذا في أحكام الآخرة.
ولا يمنع هذا من إلحاق المبتدع بالمنافق في بعض الأحكام كما هو معلوم، فإذا جازت مخالطة المنافق معاملةً له حسب ظاهره لم يجز إلحاق المبتدع به ولا قياسًا عليه، وإذا لم تجز مخالطة المنافق فالمبتدع كذلك من باب أولي. والله أعلم.
ثم نقل الكاتب بعض الآثار في تحريم الغيبة والبهتان، ونحن نؤيده في ذلك ونضيف إليه الفرق بين الغيبة والنصيحة أو بين الغيبة المحرمة والجائزة أو الواجبة فليراجع مشكورًا البحث الآنف الذكر ( الغيبة ).
ثم نقل عن النووي – رحمه الله - :
[ اعلم أنه ينبغي لم سمع غيبة مسلم أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده، فإن لم يستطع باليد ولا بالكلام فارق ذلك المجلس...إلخ ص 16
والجواب:
هذا كلام النووي – رحمه الله – وهو كلامُ صحيحُ لا غبارَ عليه؛ لكنه في الغيبة المحرمة، فهل تقبل كلام النووي نفسه حيث قال – رحمه الله – في رياض الصالحين:
( باب بيان ما يباح من الغيبة  اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أسباب:
الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلي السلطان والقاضي وغيرهما...
الثاني: الاستعانة علي تغيير المنكر، ورد العاصي إلي الصواب، فيقال لمن يرجوا قدرته علي إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلي إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حرامًا.
الثالث: الاستفتاء...
الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه: منها جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.
ومنها المشورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، ويجب علي المشاور أن لا يخفي حاله، بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة.
ومنها إذا رأي متفقها يتردد إلي مبتدع، أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك، ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك.
الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته... فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره، من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.
السادس: التعريف...
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه.
ودلائلها من الأحاديث الصحيحة مشهورة فمن ذلك:
عن عائشة – رضي الله عنها – أن رجلاً استأذن علي النبي فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة؟ متفق عليه.
احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريبة.
وعنها قالت: قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم - : ( ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا). رواه البخاري.وعن فاطمة بنت قيس – رضي الله عنها – قالت : أتيت النبي – صلي الله عليه وسلم – فقلت: إن أبي الجهم ومعاوية خطباني؟ فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ( أما معاوية، فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه).متفق عليه.
1534- وعن زيد بن أرقم – رضي الله عنه – قال: خرجنا مع رسول الله – صلي الله عليه وسلم – في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبدالله بن أبي: لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتي ينفضوا وقال: لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت رسول الله – صلي اله عليه وسلم – فأخبرته بذلك، فأرسل إلي عبدالله بن أبي فاجتهد يمينه: ما فعل؟ فقالوا: كذب زيد رسول الله – صلي الله عيه وسلم-، فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتي أنزل الله تعالي تصديقي " إذا جاءك المنافقون " ثم دعاهم النبي -صلي الله عليه وسلم – ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم متفق عليه.
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي – صلي الله عليه وسلم - : إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم؟ (قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف). متفق عليه انتهي،من كلام النووي – رحمه الله تعالي –
فأقول سائلاً الكاتب:
1- هل النووي- رحمه الله – يتناقض مع نفسه أم أنه لم يفهم الأحاديث فهمًا صحيحًا.
2- هل تقبل أنت كلام النووي هذا أم هو عندك مدخلي؟!
3- هل انفرد النووي –رحمه الله- بهذا الفهم أم أنه عزاه لأكثر العلماء بل نقل الإجماع والاتفاق عليه؟
4- هل تلتزم أنت بكلام النووي – رحمه الله – الأول؛ الذي نقلته عنه بنفسك فترد غيبة أخيك المسلم الذي تسميه ( مدخلي) إذا ذكر في مجالسك بسوء؟
5- وهل تفارق المجلس كما قال النووي – رحمه الله -؟
6- أم أن المدخلي عندك لا تشمله تلك الرحمة وهذا الحكم الذي وسع أهل البدع؟
7- وهب أن المدخلي عندك بهذه المثابة من الخطورة التي تجعل ذكره بما يكره في غيبته غيبة محرمة، فهل هو أخطر من القبوري والصوفي والإخواني والتكفيري والتبليغي؟
8- وهل ستعاملهم بما تعامل به من سميتهم-( إخواننا المداخلة ) ص7 من النقد والتحذير؟
9- وهل هذه السلسلة ( المباركة! ) ( سلسلة الكشف عن الفرق الضالة ) ستقف عند حد ( المداخلة ) أم للسلسلة تكملة لتشمل التبالغة والحزبيين والسروريين والقطبيين؟
أنا منتظرون!!
10- وإذا جاز لك التركيز عليهم لخطرهم – من وجهة نظرك – لذا خصصتهم بالرد، فلم تنكر عليهم التركيز في الرد علي أهل الضلالة، وخطباء الفتنة، ومروجي الحزبية، وأنصار القطبية، وهم أخطر منهم ووسائلهم في نشر مذهبهم تفوق وسائل – من سميتهم بالمداخلة – من فضائياتٍ ومجللاتٍ وعمومِ وسائلِ الإعلام؟!





فصل
مجالسة أهل البدع

قال الكاتب: ( ص10 ):
[ ولكن ما حكم الجلوس إلي أهل الأهواء؟
اعلم أن الجلوس نوعان:
لطلب الدين ولطلب الدنيا.
فأما لطلب الدين فهذا لا يصح مطلقًا] ثم ساق آية كريمة وآثارًا في ذلك.
ثم قال ( ص7 ):
[ وأما الجلوس معهم لأجل مصالح الدنيا فهذا يجوز لحديث عتبان بن مالك في البخاري ومسلم. وذلك للجمع بين الأحاديث والتي فيها جلوس النبي مع اليهود والنصاري والمنافقين وذو – هكذا – الخويصرة وبين فهم السلف للاتباع والابتداع –هكذا -  وتنفير الناس من المبتدعة حتي لا تتمكن الشبهة من القلوب فتتعلق بهم] انتهي كلامه بحروفه.
والجواب بعون الله تعالي:
إن الأدلة هي عمدة أهل السنة والجماعة في تقرير أصولهم ومنهجهم ومن ذلك ( ترك مجالس أهل البدع ومخالطتهم والتباعد عنهم ).
وقد دل علي ذلك الكتاب والسنة، وعليه دلت أقوال سلف الأمة وأفعالهم فمن ذلك:
أولاً: أدلة القرآن الكريم:
1- قال تعالي مخاطبًا نبيه – صلي الله عليه وسلم - : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين ) الأنعام 68
- عن ابن عون قال: كان محمد بن سيرين يرى أن إسراع الناس ردةً أهل الأهواء وكان يري أن هذه الآية أنزلت فيهم.
الإبانة الكبرى 2/431
- قال الشوكاني – رحمه الله- في تفسيره:
( وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالس المبتدعة، الذين يحرّفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردّون ذلك إلي أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقلّ الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير... وقد يجعلون حضورهم معهم مع تنزّهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها علي العامة، فيكون في حضوره مفسدة زائدة علي مجرد سماع المنكر، وقد شاهدنا هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر، وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه، وبلغت إليه طاقتنا، ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها، علم أن مجالس أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالس من يعصي الله بفعل شئ من المحرّمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة...
فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفنه، فيعمل بذلك مدّة عمره ويلقي الله به معتقدًا أنه من الحق، وهو من أبطل الباطل وأنكر المنكر).
 تفسير فتح القدير ( 2/128 ).
2- قال تعالي: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم...". النساء: 140
نقل البغوي – رحمه الله- :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال في تفسيره هذه الآية:
( دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلي يوم القيامة )
وقال القرطبي – رحمه الله - :
( إنكم إذًا مثلهم ) فدل بهذا علي وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لا يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر...فكل من جلس في كجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء... فإن لم يقدر علي النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتي لا يكون من أهل هذه الآية. وروي عن عمر بن عبدالعزيز أنه أخذ قومًا يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأهذه الآية ( إنكم إذًا مثلهم ) أي أن الرضا بالمعصية معصية، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتي يهلكوا بأجمعهم. وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه شبهه بحكم الظاهر في المقارنة، كما قيل:  فكل قرين بالمقارنة يقتدي
وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولي.

( تفسير القرطبي عند هذه الآية )

وقال السعدي – رحمه الله -:
في تفسيره لهذه الآية: ( وقد بين الله لكم فيما أنزل عليكم حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي " أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها " أي: يستهان بها. وذلك أن الواجب علي كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها، وهذا المقصود بإنزالها، وهو الذي خلق الله الخلق لأجله، فضد الإيمان الكفر بها، وضد تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها، ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم.
وكذلك المبتدعون علي اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم علي باطلهم يتضمن الاستهزاء بآيات الله لأنها لا تدل إلا علي حق، ولا تستلزم إلا صدقًا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه...إلي قوله:
والحاصل أن من حضر مجلسًا يعصي الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها ) ا.هــ.
3- قال القرطبي – رحمه الله – في تفسير هذه الآية:
( قيل: أهل الشرك. وقيل: عامة عامة فيهم وفي العاصاه، علي نحو قوله تعالي: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم " وهذا هو الصحيح في معني الآية، وأنها دالة علي هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر أو معصية، إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة ) تفسير القرطبي.



فصل
شبهة وجوابها بإذنه تعالي

قد يقال إن الآيات الكريمة جعلت حدًا لهجرة المبتدع وغايةً ينتهي إليها، وذلك في قوله تعالي(... حتي يخوضوا في حديث غيره) فإذا لم يخض في باطله فلا مانع من مجالسته!
والجواب بعون الله - تعالي- :
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره لهذه الآية:
( حتى حرف يعطف غاية عليه فالنهي عن القعود معهم غايته حتى يكفوا عن الخوض في الكفر بالآيات والاستهزاء بها وهذا الحكم تدريج في تحريم موالاة المسلمين للكافرين، جعل مبدأ ذلك ألا يحضروا مجالس كفرهم ليظهر التمايز بين المسلمين الخلص وبين المنافقين ورخص لهم القعود معهم إذا خاضوا في حديث غير حديث الكفر ثم نسخ ذلك بقوله تعالي" يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر علي الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون..."الآيتين  
 ( التحريم والتنوير 5/235 )
قلت:
إذا علمنا مما سبق من كلام المفسرين – مما نقلنا عنهم وغيرهم ممن تركناهم اختصارً- أن الآية تشمل كل خائضٍ بباطلٍ وكل فاسقٍ وفاجرٍ وكل مبتدعٍ وغاوٍ، ولمحنا هذا التدرج في التشريع ظهر الحكم جليًًّا واضحًا.
فهذه الآية – آية النساء- تشير إلي آية أخري أنزلت قبلها وهي آية الأعراف بدليل قوله ( وقد نزل عليكم في الكتاب ).
فالآية الأولي: وهي( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين وما علي الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) تفيد المنع مع الجلوس مع هؤلاء الكفار حال خوضهم في آيات الله مع العلم بخوضهم برؤية أو يقين فإذا نسي المؤمن هذا الحكم فتذكره فليفارق المجلس فورًا وليظهر الإعراض عنهم ولم يقل " إنكم إذًا مثلهم )!
وذلك أن المؤمنين كانوا في قلة -مستضعفين- وهذه آية مكية فرخص لهم في مجالسة المشركين لقتلهم وضعفهم مع ما بينهم من المصالح المشتركة بل بعض المؤمنين كان عبدًا عند بعض الكافرين ولكنهم نهوا عن هذه المجالسة حال خوض الكافرين في آيات الله.
والآية الثانية وهي: " وقد نزل عليكم في الكتاب... ) – والآية مدنية .
فاشتد الحكم مجالستهم حالة خوضهم في الباطل لما قوي المؤمنون وهاجروا إلي المدينة، ولذا قال – تعالي- : " إنكم إذًا مثلهم... " وهذا لم يقله في الآية المكية!
ثم نزلت آيات الولاء والبراء الكامل كما قال في لبتحرير والتنوير: ( ثم نسخ ذلك بقوله " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر علي الإيمان).
ومن نظر في سيرة النبي – صلي الله عليه وسلم – والصحابة من بعده والتابعين والأئمة من السلف الصالح علم أن هذا هو ما استقر عليه الأمر وهو النهي عن مجالسة أهل الباطل مطلقًا سواء خاضوا في آيات الله أو لم يخوضوا إلا لضرورة أو مصلحة راجحة. وذلك لما في مخالطتهم من المفاسد وما في هجرانهم من المصالح. والله أعلم.
وسيأتي مزيد بيان في ذلك إن شاء الله تعالي.
ثانيًا الأدلة من السنة:
1- حديث كعب بن مالك وصاحبيه – رضي الله عنه – وهو حديث طويل رواه الشيخان عن كعب فيه قصة تخلفه عن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – في غزوة تبوك وهجر النبي له ولصاحبيه وفيه:
2- ( ونهي رسول الله – صلي الله عليه وسلم – المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف، فاجتَنَبَنا الناسُ، وتغيروا لنا حتي تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف فلبثنا علي ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي... فكنت أخرج فأشهد –صلي الله عليه وسلم- وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟... حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت فتسورت جادر حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت علي فوالله ما رد السلام...).
وفيه: ( أن رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك ) راه الشيخان.
- قال الحافظ بن حجر – رحمه الله – في شرحه للحديث:
- ( وفي قصة كعب من الفوائد:
فذكر فوائد عظيمة وكثيرة جدًا ومنها:
- وفيه عظم أمر المعصية وقد نبه الحسن البصري علي ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال: يا سبحان الله ! ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حرامًا ولا أفسدوا في الأرض أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟
- وفيها جواز الطعن في الرجل بما يغلب علي اجتهاد الطاعن عن حمية لله ورسوله.
- وفيها جواز الرد علي الطاعن إذا غلب علي ظن الراد وهم الطاعن أو غلطه.
- وفيها ترك السلام علي من أذنب وجواز هجره أكثر من ثلاث، وأما النهي عن الهجر فوق الثلاث فمحمول علي من لم يكن هجره شرعيًّا.
- وفيها سقوط رد السلام علي المهجور عمن سلم عليه إذ لو كان واجبًا لم يقل كعب: ( هل حرك شفتيه برد السلام ) !!!.هــ.
 فتح الباري "( 7/730الريان ).
- وقال أبو سليمان الخطابي – رحمه الله – في شرحه للحديث:
( فيه من العلم أن تحريم الهجر بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهما من قبل عتب وموجدة أو التقصير في حقوق العشرة ونحوهما دون ما كان ذلك في حق الدين فإن هجره أهل الأهواء والبدعة دائمًا علي مر الأوقات والأزمان ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلي الحق )ا.هـــ. 
 معالم السنن للخطابي 4/296
- وقال البغوي – رحمه الله – في شرح السنة:
( وفيه دليل علي أن هجران أهل البدع علي التأبيد وكان رسول الله خاف علي كعب وأصحابه النفاق... وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة علي هذا مجمعين ومتفقين علي معاداة أهل البدع ومهاجرتهم )
 ا.هـــ. شرح السنة 1/226
2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: مر علي النبي – صلي الله عليه وسلم – رجل عليه ثوبان أحمران فسم علي النبي – صلي الله عليه وسلم – فلم يرد النبي – صلي الله عليه وسلم-.  رواه أبو داود والترمزي وقال حديث حسن غريب.
وله نظائر كثيرة من السنة:
3- فمن ذلك تركه عليه الصلاة والسلام رد السلام علي ( صاحب القبة ) حتي هدمها وسواها بالأرض.  رواه أبو داود.
4- وترك رد السلام علي عمار بن ياسر – رضي الله عنه – حين تخلق بالزعفران. رواه أبوداود في سننه تحت( باب ترك السلام علي أهل الأهواء).
5- وتركه – صلي الله عليه وسلم – السلام علي رجل آخر متخلق بخلوق ذكره البخاري في الأدب المفرد تحت باب ( من ترك السلام علي المتخلق وأصحاب المعاصي ).
6- وكذا تركه رد السلام وإعراضه عن رجل قدم من البحرين في يده خاتم ذهب. رواه البخاري في السابق.
قال الشيخ حمد التويجري – رحمه الله - :
بعد أن أود بعض الأحاديث في ترك النبي – عليه الصلاة والسلام – السلام علي ترك بعض أصحاب المعاصي:
( والاستدلال بهذين الحديثين علي ترك السلام علي أهل الأهواء وبحديث كعب في مجانبتهم في غاية القوة والمناسبة لأن الجميع مشتركون في اسم المعصية إلا أن معصية هؤلاء المذكورين في هذه الأحاديث خفيفة بالنسبة إلي معصية أهل الأهواء ).
( تحفة الأخوان 71- موقف أهل السنة والجماعة 2/514 )
ثالثًا: الآثار عن السلف:
وأما أقوال السلف وأفعالهم الدالة علي ترك مجالسة أهل المعاصي والبدع فكثيرة جدًا منها:
- ما ثبت عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في شأن العراقي صبيغ بن عسل الذي كان يسأل عن متشابهات القرآن فضربه ضربًا شديدًا ثم كتب إلي أهل البصرة أن لا تجالسوه فلو كانوا مائة وجلس إليهم صبيغ لتفرقوا عنه. 
الإبانة الكبري 2/ 414
- ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن قريبًا لعبدالله بن مغفل – رضي الله عنه – حذف ( يعني رما بحصاة بين أصابعه ) فنهاه وقال إن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- نهي عن الخذف فأعاد فقال عبدالله: أحدثك أن رسول الله نهي عنه ثم تخذف لا أكلمك أبدًا. رواه مسلم.
- وفي صحيح البخاري أن عائشة – رضي اللع عنها – حدثت أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم. قالت هو لله علي نذر أن لا أكلم لبن الزبير أبدًا..
- وروي الشافعي أن أبا سعيد الخدري – رضي الله عنه – لقي رجلاً فأخبره عن رسول الله شيئًا فخالفه فقال أبو سعيد: والله لا آواني وإياك سقف بيت لأبدًا.  الرسالة رقم 1230
قال الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي – حفظه الله- بعد أن ساق هذه الآثار وغيرها:
فإذا كانت هذه سيرة أصحاب النبي مع المخالفين لشرع اللع بأدني نخالفة ومع خيار الصحابة وفضائلهم الذين قد يتأولون في بعض المسائل فيخطئون وهي الهجر بترك الكلام وترك المساكنة في الديار بل ربما امتد الهجر حتي الموت فلا شك أن هجر أهل البدع وترك مجالستهم ومجاورتهم وهم المحرفون لشرع الله والمتبعون لأهوائهم في تأصيل البدع والضلالات ودعوة الحق إليها وصرفهم عن السنة من باب أولي وأحرى. ا.هــ.  2/538
وتأمل فهم الإمام المبجل أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة في زمانه حيث كتب كتب إليه رجل يستأذنه أن يضع كتابًا يرد فيه علي أهل البدع وأن يحضر مع أهل الكلامك فيناظرهم ويحتج عليهم فكتب إليه رحمه الله:
( بسم الله الرحمن الرحيم أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلي ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم مالخوض معهم في بدعتهم وضلالهم ) ا.هــ.  الإبانة الكبري 2/472
قلت:
والإمام أحمد- رحمه الله- هو نفسه الذي ناظر الجهمية ووضع الكتب في الرد عليهم لكنه لم ير التوسع في هذا الباب بل يكتفي فيه بموضع الضرورة أو المصلحة الغالبة الخالية من المعارض الراجح والله أعلم.
ومواقف السلف القولية والعملية في هذا الباب أكثر من أن تحصر فليراجع كتب السنة من شاء المزيد، وفي هذا القدر كفاية، لمن أراد الهداية، وترك سبيل الغواية.

فصل
في المفاسد المترتبة
علي مجالسة أهل البدع ومخالطتهم
وهي كثيرة ومن أبرزها:
1- أن في مجالستهم خطرًا علي من يجالسهم نفسه:
- عن أبي قلابة – رحمه الله - : لا تجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
- وعن سفيان الثوري – رحمه الله – قال: من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدي ثلاث:
إما أن يكون فتنة لغيره،
وإما أن يقع في قلبه شئ فينزل به فيدخله الله النار،
وإما أن يقول: والله لا أبالي ما تكلموا وإني واثق بنفسي فمن أمن الله علي دينه طرفة عين سلبه إياه!
- وعن ابن سيرين- رحمه الله- أنه قال له رجل: إن فلان يريد أن يأتيك ولا يتكلم بشئ قال: قل لفلان لا يأتيني فإن قلب ابن آدم ضعيف وإني أخاف أن أسمع منه كلمة فلا يرجع قلبي إلي ما كان.
والأمثلة علي ذلك كثيرة،
فرحم الله أولئك الرجال ما أعظم فقههم، وحرصهم علي دينهم، وأين منهم من ابتلينا بهم من أهل زماننا من المفتونين بمجالسة أهل البدع علي ما بهم من جهل عظيم بدعوي أنهم واثقون من عقيدتهم ولا يخشون التأثر بهم.
راجع موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء – الرحيلي( 550/2)
2- أن في مجالستهم مخالفة لكتاب الله ومشاقة لسنة رسول الله واتباعًا لغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين.
قال تعالي : ( ومن يشاقق الرسول ن بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرًا)
وقال تعالي : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "
قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير الفتنة:
أي في قلوب من كفر أو نفاق أو بدعة ( 3/307)
ولذا جاء عن بعض السلف أنهم كانوا يقولون: من جلس إلي صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلي نفسه.
وهذا في معني قوله ( نوله ما تولي ).
3- أن مجالسة أهل البدع مضرة بأهل البدع أنفسهم،
لأن فيه تعطيل للوسيلة التي حددها الله لعلاجهم؛ فلا يرجع المبتدع ما دام يجد الجليس والأنيس، وكذلك في مجالسته إغراء الناس بمسلكه فيعملوا ببدعته فتكثر ذنوبه،
( وفي ترجمة الحسن بن صالح: قال أبو صالح الفراء ذكرت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئًا من أمر الفتن فقال: ذاك يشبه أستاذه يعني الحسن بن صالح. فقلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ قال: لم يا أحمق؟ أنا خير لهؤلاء من أبائهم وأمهاتهم أنا أنهي الناس أن يعملوا بما أحدثوه فتتبعهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضر عليهم! ) ( تهذيب التهذيب)
4- أن مجالستهم سبب لسوء الظن بمن يجالسهم، فهو في الظاهر راضٍ عنهم داعٍ إليهم بحاله وإن لم يكن بمقاله.
قال ابن مسعود: ( بخدنه ). 
  ( طبقات الحنابلة )
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه        فكل قرين بالمقارن يقتدي
قال الأصمعي: لم أر بيتًا قط أشبه بالسنة منه.  ( الإبانة الكبري )
وقال القحطاني – رحمه الله - :
لا يصحب البدعي إلا مثلَه            تحت الدخان تأجج النيران
وإذا تقرر ذلك:
فهجر أهل البدع يختلف في حكمه من مبتدعٍ لآخر، تبعًا لاختلاف الأحوال والظروف المؤثرة في تحقيق المقاصد الشرعية للهجر، وباختلاف الهاجر قوة وضعفًا، وقلةً وكثرةً، وكذلك المهجور، والزمان والمكان وغير ذلك.
وضوابط هجر المبتدع لها موضع آخر،






عودة علي بدأ:
نرجع إلي ما ذكره الكاتب حيث قال:
[ ما حكم الجلوس إلي أهل الأهواء؟
اعلم أن الجلوس نوعان لطلب الدين ولطلب الدنيا
...
وأما الجلوس معهم لطلب مصالح الدنيا، فهذا يجوز لحديث عتبان بن مالك في البخاري ومسلم وذلك للجمع بين الأحاديث والتي فيها جلوس النبي – صلي الله عليه وسلم – مع اليهود والمنافقين وذو(!) الخويصرة ...]
والجواب من عدة وجوه:
أن هذا تقسيمُ فاسدُ ليس عليه أثارةُ من علم.
وليت شعري من سلفك – يا هذا – فيما ذهبت إليه، أم هو من بنات أفكارك كما هي العادة؟
الثانيك لا شك أن مجالسة أهل البدع من أجل تحصيل الدين منهم مهلكة، وهو بلا ريب أخطر من مجرد الجلوس معهم لأجل الدنيا، ولكنهما في أصل المنع سواء وإن كان الأول أخطر.
الثالث: النصوص الشرعية والآثار السلفية لم تفرق بين جلوسٍ وجلوس، بل بعضها نص في العموم أو مصرح بالمنع ولو في مصالح الدنيا!
ومن ذلك:
1- امتثال الصحابة – رضي الله عنهم – لأمر النبي – صلي الله عليه وسلم – في هجر الثلاثة الذين خلفوا فهجروهم بإطلاق، حتى كان كع يمر بالأسواق فلا يكلمه أحد، والأسواق من مصالح الدنيا – كما هو معلوم-، وحتى أمر نساءَهم باعتزالهم وهذه مصالح دنيوية!! مع ملاحظة أن المهجور – هنا – من الصحابة الأكارم فكيف بأهل الأهواء والبدع؟
2- هجر الصحابة والتابعين لصبيغ بن عسل فقد هجروه مطلقًا في أمور الدين والدنيا معًا.
3- الآثار الكثيرة جدًا الدالة علي مباعدة أهل البدع فهذه المباعدة تقتضي عدم المجالسة في حال من الأحوال.
ومنها:
- عن يحيي بن أبي كثير – رحمه الله – أنه قال: ( وإذا لقيت مبتدع في طريق فخذ في طريق آخر) ( ابن وضاح في البدع )
- كان طاووس جاسًا فجاءه رجل من أهل الأهواء فقال: أتأذن لي أن أجلس فقال طاووس: إن جلست قمنا. فقال يغفر الله لك يا أبا عبد الرحمن. فقال: هو ذاك إن جلست والله قمنا فانصرف الرجل. ( الإبانة الكبري )
وغير ذلك كثير.
4- ومنها إنكار السلف علي من جالس أهل البدع دون استفصالٍ منهم هل كان جالسًا لدينٍ أو دنيا؟ وكتب السنة مشحونة بالمواقف والآثار في ذلك،
فمنها:
- عن أيوب السختياني: رآني سعيد بن جبير جلست إلي طلق بن حبيب- ( رمي بالأرجاء )- فقال لي: ألم أرك جلست إلي طلق بن حبيب؟ لا تجالسه.    ( الدرامي في السنن 1/120 )
5- أن تلميع المبتدع بجلوس السني معه وانخداع الجماهير وتضليلهم حاصلُ بالجلوس معه لأجل الدنيا كما هو حاصل بالجلوس معه لأجل الدين،
فمن أين يعلم حالك أيها المجالس للمبتدع عموم الناس؟
6- أن الضرورة أو المصلحة الشرعية قد تدعو في بعض الأحيان، إلي الاستفادة من كتب أهل البدع أو استعمالهم أو... وكل ذلك أمور طارئة، وبضوابط شرعية يقدرها الراسخون في العلم المتضلعون من المنهج السلفي،
ولكن الشأن فيمن يريد أن يفتح الباب علي مصرعيه ويؤصل لجواز مجالسة أهل الأهواء والبدع لأجل مصالح الدنيا هكذا بإطلاق !
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
7- حديث عتبان بن مالك – رضي الله عنه – ليس فيه الجلوس لأجل مصالح الدنيا! وقد سبق بالتفصيل فليراجع إليه في موضعه.
8- جلوس النبي – صلي الله عليه وسلم – مع اليهود والنصاري كان لأجل الدعوة لا غير، كما في وفد نصاري نجران ومناظرته لهم، وكذلك إجاباته عن أسئلة أحبار يهود، وعيادته للغلام اليهودي حيث دعاه للإسلام فورًا:
قال الألباني – رحمه الله – في أحكام الجنائز صـ21:
ولا بأس أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض عليه الإسلام، رجاء أن يسلم، لحديث أنس – رضي الله عنه – أنه قال:
كان غلام يهودي يخدم النبي – صلي الله عليه وسلم – فمرض فأتاه النبي - صلي الله عليه وسلم- يعوده فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلي أبيه وهو عنده، فقال أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي- صلي الله عليه وسلم- وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار...) أخرجه البخاري.
وموقفه مع عمه أبي طالب مشهور!
قال الشيخ عبد المحسن العباد – حفظه الله - :
( عيادة الذمي أو الكافر إذا كانت فيها مصلحة وفائدة كأن يدعي فيها إلي الإسلام ويرغَّب فيه، فإن ذلك أمرُ مطلوب، وأما إذا لم ترتب عليها مصلحة، ولا يكون من ورائها فائدة؛ فات يعاد. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه- (أن غلامًا من اليهود مرض، فأتاه الرسول صلي الله عليه وسلم يعوده، فقعد رسول الله صلي الله عليه وسلم عند رأسه وقال له: أسلم ) يعني: دعاه إلي الإسلام، وهذا يدل علي أن الزيارة من أجل دعوته إلي الإسلام، وأنه يرجي من ورائها المصلحة والفائدة، فإن ذلك سائغ، ويشبه هذا مجيئه - صلي الله عليه وسلم – إلي عمه أبي طالب في مرض موته، فقال له: ( يا عم ! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله )، وكان عنده رجلان علي ملة عبد المطلب، فذكّراه بدين عبدالمطلب، وأنه يبقي علي ما كان عليه آباؤه، فكان آخر ما قال: هو علي ملة عبد المطلب، ولم يقل: لا إله إلا الله كما طلب ذلك منه رسول الله - صلي الله عليه وسلم- فالحاصل أن زيارة الكافرإذا كانت من أجل دعوته إلي الإسلام، ورُجيَ في ذلك المصلحة فلا بأس بها، وأما إذا كانت لغير ذلك، أو لمن يظنّ من ورائها مصلحة فلا يُزار).
 ا.هــ. من شرحه لسنن أبي داود.
قلت:
وعلي كل حالٍ فإن أحكام أهل الملة قد تعرضنا لها بالتفصيل في سلسلة منبرية
من خلاف الكتاب الماتع لشيخ الإسلام ابن قيم – رحمه الله – الموسوم بـ( أحكام أهل الذمة ) فمن شاء الاستماع إليها، فليطلبها من الموقع علي الشبكة العنكبوتية، فلا داعي إذن للخلط بين هذا الباب وبين هجر المبتدع، والتلبيس علي الناس بالمتشابهات، فما أحوج هؤلاء لما فعل عمر – رضي الله عنه- مع صبيغ!
والله أسأل أن يردنا جميعًا إلي الحق ردًا جميلاً،
وصلي الله علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد لله رب العالمين.


  وكتبه فضيلة الشيخ:
                                                              أبوطارق/ محمود بن محفوظ
 عفا الله عنه وعن والديه وأهله أجمعين.
2013  

=======================

رابط تحميل الملف بصيغة pdf  
(
  
http://cutt.us/GTK9T)
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

1 التعليقات:

  1. أسأل الله لك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا صالحا متقبلا

    ردحذف